الأحد

1446-06-21

|

2024-12-22

الرؤيا (1)

الحلقة التاسعة والخمسون من كتاب

مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)

جمادى الأولى 1443 هــ / ديسمبر 2021

أخوكَ عِيسَى دَعَا مَيْتًا فقـامَ لَـهُ * وَأَنْتَ أَحْيَيْتَ أجيالًا مِنَ الرّمَمِ

جاءَ النَّبِيونَ بالآياتِ فَانْصَرَمَتْ * وَجِئْتَنَا بِحَكِيمٍ غَيْـرِ مُـنْـصَـرِمِ

آياتُهُ كلّما طـالَ المَـدَى جُـدُدٌ * يَزِينُهُنّ جَلالُ العتــقِ والقـدَمِ

لقد بعث الله تعالى بهذا النبي أجيالًا من الرمم والظلام والجهل، وأنار قلوبهم بهذا الدين وهذا القرآن، فأصبحوا خير أمة أخرجت للناس، وتحولوا من رعاة غنم إلى قادة أمم.

كان أبو بكر الصدِّيق رضي الله عنه صاحب النبي صلى الله عليه وسلم ورفيقه وأول مَن آمن به:﴿ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ﴾ [التوبة: 40] . وهو أول الخلفاء الراشدين، وله فضائل جمة لا يأتي عليها العد هنا.

 رؤيا مستقبلية:

في «الصحيحين»: أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسولَ الله، إني أرى الليلة في المنام ظُلة تنطف السمنَ والعسلَ، فأرى الناسَ يتكففون منها بأيديهم، فالمستكثر والمستقل، وأرى سببًا واصلًا من السماء إلى الأرض، فأراك أخذتَ به فعلوتَ، ثم أخذ به رجلٌ من بعدك فعلا، ثم أخذ به رجل آخر فعلا، ثم أخذ به رجلٌ آخر فانقطع به، ثم وصل له فعلا. قال أبو بكر: يا رسولَ الله، بأبي أنت والله لتدعني فلأعبرنها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اعْبُـرْها». قال أبو بكر: أما الظلة فظلة الإسلام، وأما الذي يَنْطِف من السمن والعسل فالقرآن؛ حلاوته ولينه، وأما ما يتكفف الناس من ذلك فالمستكثر من القرآن والمستقل، وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض فالحق الذي أنت عليه تأخذ به فيعليك الله به، ثم يأخذ به رجل من بعدك فيعلو به، ثم يأخذ به رجل آخر فيعلو به، ثم يأخذ به رجل آخر فينقطع به، ثم يوصل له فيعلو به، فأخبرني يا رسول الله بأبي أنت أصبتُ أم أخطأتُ؟ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأتَ بَعْضًا». قال: فوالله يا رسول الله لتحدثني ما الذي أخطأتُ. قال: «لَا تُقْسِمْ».

في هذا الحديث وقفات:

 أبو بكر سيد المعبِّرين:

أولًا: عناية أبي بكر رضي الله عنه- وهو الصدِّيق- بالرؤيا؛ لأن الرؤيا مرتبطة بعالم الغيب، مرتبطة بالآخرة، مرتبطة بما لم يحط الناس به أصلًا، وإنما جعلها الله تعالى نافذة يحاول الناس أن يكتشفوا من خلالها بعض ما خفي عنهم، ولهذا جاء في الحديث: «الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ». ولذلك تلقت أسماء بنت الصديق عن أبيها تفسير الرؤيا، ومن هنا جاء علم ابن سيرين بالرؤيا؛ لأنهم كانوا موالي عند أسماء رضي الله عنها، فكان ابن سيرين هو سيد المعبرين من التابعين.

المهم أن نلاحظ كيف فسر أبو بكر رضي الله عنه الرؤيا، فقال: يا رسول الله، أصبتُ أم أخطأتُ؟ قال: «أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأتَ بَعْضًا». قال: يا رسولَ الله، ماذا أصبتُ وماذا أخطأتُ؟ وأقسم على ذلك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا تُقْسِمْ». أي: لن أخبرك، وإن كانت من المبشرات، وهي جزء من أجزاء النبوة، وفيها آثار كبيرة جدًّا، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يعبِّر الرؤيا وكان يراها، وفي القرآن الكريم في قصة يوسف عليه السلام ذكر رؤيا الملك التي فسرها يوسف عليه السلام.

رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

http://alsallabi.com/books/view/506

كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي

http://alsallabi.com/books/7


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022