الأحد

1446-06-21

|

2024-12-22

الرؤيا (2)

الحلقة الستون من كتاب

مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)

جمادى الأولى 1443 هــ / ديسمبر 2021

- الرؤيا متنفس:

ثانيًا: إن الرؤيا قد تكون أحيانًا فرجًا؛ ولذلك فإن أكثر من يتعلَّقون بها هم الذين يعيشون نوعًا من الضيق أو الكرب، مثل السجين؛ فإنه غالبًا ما يتعلق بالرؤيا، والسجناء إذا كان عندهم فرصة يلتقي بعضهم ببعض ويتحدثون ويتساءلون: ماذا رأيت البارحة؟ ويُذكر عن صالح بن عبد القدوس- وكان قد سُجن- أنه كان يقول:

خَرَجنا من الدُّنْيا وَنَحنُ مِنَ أهلها *** فَلَسنا مِن الأَحْيـاءِ فيها وَلا الموتَـى

إذا دَخَل السجانُ يَومًا لِحاجــــةٍ *** عَجِبْنَا وَقُـلنا: جاءَ هــذا مــن الدُّنْيا

وَنَفرَحُ بِالرُّؤْيا فَجُـلُّ حَـدِيـثِـنَــا *** إِذا نَحنُ أصْبَحْنا الحَدِيثُ عَن الرُّؤْيَا

وهكذا نجد في قصة يوسف عليه السلام خبر الرجلين اللذين كانا معه في السجن: ﴿قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ﴾ [يوسف: 36].

- أحـلام نائـم:

الرؤيا مرتبطة بالضيق والشدة، وقبل ذلك هي مرتبطة بالنوم؛ لأن الرؤيا لا يراها إلا النائم، ولذلك فقد أصبحنا نحن معاشر المسلمين لدينا اليوم ولع مرضي بالرؤيا وتفسيرها، وكل ما يراه الإنسان فإنه يتحدث به ويسأل عنه، وقد أصبح هناك برامج وكتب ومواقع كبيرة في الإنترنت لتعبير الرؤيا، وهذا لا يعني نقد مثل هذه الأشياء كلها؛ بل هناك أشياء سليمة وصحيحة.

ولكنني أقول: إن الناس مسرفون في تفسير رؤاهم، وإلا فالإنسان عندما ينام لمدة أربع أو خمس أو ست ساعات فيرى الرؤيا، وقد يراها بتفاصيل وأحداث طويلة إلا أنها لبضع ثوان، فممكن أن يرى الإنسان في النوم أشياء طويلة جدًّا أضعاف مضاعفة لهذا الوقت الذي هو ست ساعات، ولو أن الإنسان أصبح يستذكر كل ما يراه ثم يقيده ثم يسأل عنه لصارت هذه مشكلة كبيرة، ولن يكون عندنا وقت آخر لنسأل حتى عن أمور دنيانا ومصالحنا، وفتاوينا وأمور ديننا ومشكلاتنا، بل سنكون غارقين جدًّا في النوم، ولعل هذا هو أحد أسرار الولع بالرؤيا، فالعالم الإسلامي ضمن العالم النائم، ولذلك يستغرق في النوم ويكثر من الرؤى ويتعلق بها؛ لأنه يشعر بالشدة والضيق والعجز عن مواجهة الواقع، ومحاولة اختراع وابتكار المشاريع الإصلاحية والتنموية التي تبني وتؤسس وتصلح؛ ولذلك يلجأ إلى الأحلام والرؤى التي يراها في المنام، وربما تشكل له تعلقًا أو سلوانًا... إلى غير ذلك من الآمال.

إن السجين وهو يشعر بالشدة والضيق ربما يكترث للرؤيا ويهتم بها؛ لأنه ليس عنده أخبار، ولا وسائل لمعرفة الأحوال، ولا يدري ما خبر أهله وزوجه، وأمه وبنته، وولده وقريبه، وجاره وماله؛ ولذلك تأتي الرؤيا- أحيانًا- إجابة على هذه التساؤلات، وقد تكون الإجابة صحيحة أو ظنية أو غير ذلك.

رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

http://alsallabi.com/books/view/506

كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي

http://alsallabi.com/books/7


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022