الأحد

1446-06-21

|

2024-12-22

يُحب الجمال صلى الله عليه وسلم (3)

الحلقة الثامنة والخمسون من كتاب

مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)

جمادى الأولى 1443 هــ / ديسمبر 2021

- بين الزينة والتواضع:

وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «البَذَاذَةُ مِنَ الإِيمَانِ». ومعناه: التواضع وعدم المبالغة في الملبس.. لكن المطلوب أن يكون الملبس جيدًا ونظيفًا؛ لأن الله تعالى أنزل هذا الدين للناس كلهم.

والناس منهم مَن يعشق الجمال ويحبه في مظهره وشكله وهيئته، وهذا لا حرج فيه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ الله جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ». فهذا مما أحله الله تبارك وتعالى، فإذا لم يلبس الإنسان ثوب حرير، ولم يسبل ثيابه، ولم يجرّها خيلاء، ولم تكن الثياب مسروقة ولا حرامًا؛ فهو أمر مباح، فالله عز وجل قد جعل لعباده بابًا من الخير، وربما كان لبسهم الجميل البعيد عن الحرام سبب خير يؤجرون عليه.

وبالمقابل فهناك من الناس من هم بطبيعتهم يحبون التواضع وعدم المبالغة في الملبس والمأكل والمشرب والمسكن، فجعل لهؤلاء نظامًا خاصًّا فقال صلى الله عليه وسلم: «الْبَذَاذَةُ مِنَ الإِيمَانِ». فهذا التواضع عندهم هو من الإيمان، ومعرفتهم لما عند الله تعالى، وطمعهم فيما عند الله والدار الآخرة.

- موافقة الناس في لباسهم:

إن عناية المسلم بمظهره أمر مهم جدًّا، وقد يكون من ذلك أن يراعي المسلم المجتمع الذي يعيش فيه، فيلبس مثل لباسهم ما لم يكن حرامًا، أو فيه مخالفة لشرع الله، أو تعدٍّ للضوابط الشرعية التي وضعها الله سبحانه وتعالى في اللباس، فيكون أقرب إلى الاندماج والتأثير والشعور بالتقارب الذي هو وسيلة وسبب في دعوة هؤلاء الناس إلى الله سبحانه وتعالى، فلا يشعرون أن هذا الإنسان أتى من كوكب آخر، أو أن هناك حاجزًا أو عزلة كبيرة بينه وبينهم، فلا بد من ذلك لدعوتهم إلى الله سبحانه وتعالى والتأثير عليهم.

وقد أقر الإسلام أن يلبس الإنسان ما يلبسه الناس مما أحله الله تبارك وتعالى، ولذلك تجد العالم الإسلامي في كل بلد له نوع من الألبسة، والمؤمن ينبغي أن يلبس لباس الناس الذين يحيط بهم ويجالسهم، ما لم يكن هذا اللباس مخالفًا للشريعة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مكة يلبس لباس أهل مكة، وفي المدينة مثل ذلك، لبس العمامة ومشى بدون عمامة، وخرج يومًا من الأيام للصحابة ورأسه يقطر ماءً، وهذا يدل على أنه لم يكن على رأسه شيء، فقد يلبس القَلنسوة أو ما تيسر له من الثياب، وحتى الملابس التي غنمها المسلمون من أعدائهم في حروبهم كانوا يستفيدون منها ويلبسونها.

فالإسلام لا يَشْتَرِط لباسًا خاصًّا، وإنما له شروط ومواصفات في نوع اللباس، وأما ماذا يلبس الإنسان؟ فإنه قد يلبس كثيرًا من الأشياء التي الأصل فيها الإذن والإباحة، وباب الإباحة في الشريعة واسع جدًّا في أمور الناس العادية والحياتية، ولا شك أن هذا مما وسع الله تعالى به على المسلمين وأنعم عليهم، فجعل الإنسان يتكيف مع مختلف الظروف والأحوال، والتغيرات والتقلبات، والبيئات القريبة والبعيدة، سواء كانت بيئات عربية أو غير عربية.

رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

http://alsallabi.com/books/view/506

كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي

http://alsallabi.com/books/7


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022