ولا تفرَّقوا (3)
الحلقة الثامنة والستون من كتاب
مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)
جُمَادَى الآخِرَة 1443 هــ / يناير 2022
- نصرة المظلوم:
فمن هذه الوحدة: نصرة أخيك المسلم المظلوم، ونحن نرى العالم الإسلامي هو أكثر بلدان العالم تعرضًا للظلم والتعسف، وذلك بسبب التخلف والتمزق والشتات، وبسبب أننا لا نزال نعيش في سُبات، بينما الأمم الأخرى قطعت مراحل طويلة جدًّا، ولذلك أصبح العالم الإسلامي منهوب الثروات والخيرات، مسلوب الإرادة، وأصبحت القرارات العالمية- حتى المتعلقة بالعالم الإسلامي- لا تعبأ بالمسلمين، في حين نجد أن الدول الكبرى تدرك أن مصالحها في العالم الإسلامي وليس فيما يسمى بإسرائيل، ومع ذلك فهم يراعون مشاعر الشعب اليهودي المحتل لأرض فلسطين، ويصوتون له ويدعمونه سرًّا وجهارًا، ويتنافس الرؤساء المنتخبون لإظهار مزيد من الدعم والتأييد لهذا الكيان الغاصب.
بينما العالم الإسلامي الذي يزخر بالخيرات والثروات كالنفط وغيره من الإمكانيات المادية والأعداد البشرية الهائلة لا يجد مثل هذه الاهتمامات؛ بل ولا نظرة أو التفات، والسبب: هو تشقق العالم الإسلامي وانقساماته، وليس هذا الشتات والتفرق في مجموعة من الدول ليس بينها علاقات جيدة أو ترابط وثيق، لكنك تجد ما هو أبعد من قضية الدول، وهو التمزق داخل الدول نفسها، فتجد الأقاليم المختلفة منشقة بعضها على بعض، وداخل الإقليم الواحد تجد هذه المدينة تحمل نوعًا من الكراهية للمدينة الأخرى، أو نوعًا من العصبية أو التنافس الذي لا يكون شريفًا، بل داخل القبيلة الواحدة أو الأسرة الواحدة تجد ألوانًا من الخلافات والانشقاقات، حتى إني أعرف أناسًا لا يصلُّون في المسجد الذي يصلِّي فيه مَن يخالفونهم أو في صلاة العيد الذي هو يوم فرحة للمسلمين، وفيه مظهر من مظاهر الاجتماع والوحدة.
كما يجري لبعض إخواننا المسلمين في العالم الغربي، سواء في أوروبا أو أمريكا يختلفون في أيام رمضان، فتجد الانشقاق الكبير جدًّا في البلد الواحد، بل في المسجد الواحد، فهذا صائم وهذا مفطر؛ لأن هذا يصوم تبعًا لدولته، وهذا يصوم تبعًا للبلد الذي هو فيه، أو هذا يصوم باعتبار إكمال الشهر، وهذا كذا، فإذا جاء العيد كان منهم مَن هو صائم ليكمل رمضان، والآخر مفطر!
فإلى متى سنظل نلوك مثل هذه الخلافات ولا نمل منها؛ بل نضريها ونشجعها، ونلتمس لها الأسباب والمسوغات، حتى صدق علينا قول القائل:
بَحَثْتُ عَنِ الأَدْيانِ فِي الأَرْضِ كُلِّها *** وَجُبْتُ بِلادَ اللهِ غربًا ومشْرِقَا
فَـلَـمْ أرَ كـالإسـلامِ أَدْعــى لألْفَـةٍ *** وَلَا مِثلَ أَهْلِيــهِ أشـدَّ تفـرُّقا
وحق علينا قول الآخر:
وتفـرَّقُــوا شيـعًــا فَـكُـلُّ قَـبِـيلَـةٍ *** فِيها أَمِيــرُ الْمُـؤْمنينَ وَمِنْبَـرُ.
رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
http://alsallabi.com/books/view/506
كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي