ولا تفرَّقوا (2)
الحلقة السابعة والستون من كتاب
مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)
جُمَادَى الآخِرَة 1443 هــ / يناير 2022
واقع بئيس:
لكن.. واحسرتاه! لما نجده اليوم من عودة بعض الشعارات الجاهلية، والمعاني والانتسابات والانتماءات العرقية والقبلية، والوطنية والإقليمية التي تفسد هذه الوحدة.
واليوم على وجه الخصوص نجد أن أمم الأرض كلها تدخل فيما يسمى بالعولمة، التي تحاول القوى المسيطرة أن تدمج فيها الأمم كلها؛ اقتصادًا وسياسة وإعلامًا وثقافة.. إلخ، وأصبحنا نجد ما يسمى بالشركات العابرة للقارات: شركات النفط، وشركات الكمبيوتر، وشركات السيارات، وشركات الإعلام، وشركات كثيرة قد يكون رأس مال الشركة مليارات الدولارات، ومع ذلك تنضم إلى شركات أخرى لتكون وحدة مندمجة قوية تستطيع أن تواجه التحديات، وحتى يكون لها نفوذ يفوق أحيانًا نفوذ الدول والسياسات ذاتها، ونجد أممًا ودولًا تحاول أن توجد نوعًا من الوحدة، كما نجد على سبيل المثال الوحدة الأوروبية- وهي عبارة عن مجموعة من الإمبراطوريات- تحاول أن ينضم بعضها إلى بعض، فدولة كألمانيا أو بريطانيا أو فرنسا- فضلًا عن دول أوروبا الأخرى- تحاول أن تندمج في هذه الوحدة الأوروبية بعملة واحدة، بنظام واحد للجمارك، بدستور واحد، وربما في المستقبل بجيش واحد، وباتفاقيات أمنية محكمة، أو وحدة أمنية... إلى غير ذلك من العوامل التي يرون أنها تضمن لهم الوجود والبقاء والاستقرار، وتضمن نصيبهم من الخيرات العالمية من المكاسب أو المواقف، وأن يكون لهم تأثير وقدرة على ممارسة الضغوط على الآخرين.
وإذا التفت إلى هذه الأمة التي وضع الله سبحانه وتعالى وحدتها، وأقام شريعتها، وأسسها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه، فإنك تجد أمرًا عجبًا! يربي النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم على أن التقارب في الأجساد مطلوب، فإذا كانوا في الوادي خاطبهم وقال لهم: «إِنَّ تَفَرُّقَكُمْ فِي هَذِهِ الشِّعَابِ وَالأَوْدِيَةِ إِنَّمَا ذَلِكُمْ مِنَ الشَّيْطَانِ». فيجتمعون ويتقاربون فيما بينهم، وليس المعنى في الاجتماع هو أن يكونوا مجموعة واحدة فقط، وهذا هو الأصل في الأشياء المشتركة، لكن عندما يتفرقون للنوم أو للظل أو لغير ذلك لا يكون بعضهم بعيدًا عن بعض، فيَتَرَبَّون على القرب والدنو من بعضهم البعض، وتجنب ما يمكن أن يحصل لبعضهم في الغفلة عن الآخرين، فضلًا عن دعوته صلى الله عليه وسلم إلى وحدة قلبية وإيمانية وروحانية فيما بينهم، والشعور بحق هذا الإنسان، وإن من حقه أن تنصره ظالمًا أو مظلومًا.
رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
http://alsallabi.com/books/view/506
كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي