الإثنين

1446-06-22

|

2024-12-23

ولا تفرَّقوا (4)

الحلقة التاسعة والستون من كتاب

مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)

جُمَادَى الآخِرَة 1443 هــ / يناير 2022

- عوامل الاختلاف:

إن عوامل الاختلاف موجودة، ولا سبيل إلى تجاهلها، ومنها التعصب القبلي: «أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْـجَاهِلِيَّةِ لاَ يَتْـرُكُونَهُنَّ: الْفَخْرُ فِي الأَحْسَابِ وَالطَّعْنُ فِي الأَنْسَابِ وَالاِسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ وَالنِّيَاحَةُ».

وكثير من المتدينين المحافظين ربما يكونون أخيارًا، ومع ذلك ينطلقون أحيانًا من منطلقات عصبية قبلية، فإذا كان في عمل أو مسؤولية ربما قرب مَن ليس عندهم كفاءة؛ لأنهم أقارب أو بنو عم أو بنو خال، وهكذا في أحاديثنا الخاصة ومجالسنا ربما نتحدث علانية أو على المنبر عن رفض العصبية القبلية؛ لكن إذا خلا بعضنا إلى بعض وكنا من نفس المجموعة أو الطائفة ربما تجرأنا على التحدث عن الآخرين بأنهم كذا ونحن كذا.

إذا كانت هذه المعاني ستظل تسيطر على تصرفاتنا ودوافعنا وأعمالنا، حتى في الأعمال الخيرية، والفئات التي تدعو إلى الله سبحانه وتعالى وتربي الشباب على الخير والإيمان والوحدة؛ فربما يكون هناك نوع من غرس الانشقاق من خلال تعميق الانتماء لهذه المجموعة أو تلك، أو هذا الشيخ أو ذاك، أو هذا المذهب أو ذاك، بينما نجد الأئمة والعلماء السابقين كانوا على قدر كبير من الوئام والانسجام، والوحدة والمحبة، وإن اختلفوا فيما بينهم في مسائل، فهذا الشافعي رحمه الله ناقش يونس الصدفي وجادله في مسألة من المسائل، فلما قاموا من المجلس، قال: لم أر أعقل من الإمام الشافعي، أخذ بيدي وضمها إليه وقال لي: يا يونس، ألا يصح أن نكون إخوة وإن لم نتفق في كل مسألة.

فمتى نفقه قول هذا الإمام العلم البحر الحكيم؟! متى نستطيع أن ننظر إلى جوانب الاتفاق والوحدة: وحدتنا بالقرآن، بالإسلام، بالإيمان، باتباع النبي صلى الله عليه وسلم، بأركان الإسلام التي اجتمعنا عليها، بالأمور العملية، بالأصول العامة التي ندين الله تبارك وتعالى بها؟!

متى نضاعف التركيز على هذه المعاني ونقلل التركيز والنظر على جوانب التفرق والاختلاف ونأخذها بحجمها الطبيعي؟!

إن الإنسان إذا كبرت عنده بعض الأشياء حجبت عنه الرؤية، فلو أن إنسانًا وضع الكأس أمام عينيه فلا شك أنه سيحجب عنه رؤية العالم الفسيح، لكنه لو وضعه في مكانه فسيراه بحجمه الطبيعي.

إن الواجب علينا أن نتربى في محاضننا المنزلية والدعوية العامة والخاصة على تقدير معاني الترابط مع هذه الأمة والوحدة والانسجام، وأن نضع جوانب الاختلاف في حجمها الطبيعي، ولا نجعلها تتغلب على وحدتنا وأخوتنا.

رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

http://alsallabi.com/books/view/506

كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي

http://alsallabi.com/books/7


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022