(تطور الفكر السياسي الشيعي)
الحلقة: 40
بقلم: د. علي محمد الصلابي
1 جمادى الآخرة 1443 ه/ 4 يناير 2022
إن مسألة النص لا تثبت بأي وجه من الوجوه، ومسألة حصر الأئمة بعدد معين مردودة بالكتاب والسنة، كما أنه لا يقبلها العقل ومنطق الواقع، إذ بعد انتهاء العدد المعين هل تظل الأمة بدون إمام؟ ولذلك فإن عصر الأئمة الظاهرين عند الاثني عشرية لا يتعدى قرنين ونصف إلا قليلاً، وهم من ذلك الوقت الان بدون إمام بشكل فعلي وواقعي مما ترتب على وضعهم هذا فقدانهم كل ما يزعمون من مبرر ضروري، أو مصلحة ضرورية من وجود إمام معصوم، وهذا تناقض ظاهر، وقد اضطر الشيعة للخروج عن حصر الأئمة بمسألة نيابة المجتهد عن الإمام، واختلف قولهم في حدود النيابة، وفي هذا العصر اضطروا للخروج نهائياً عن هذا الأصل الذي هو قاعدة دينهم، فجعلوا رئاسة الدولة تتم عن طريق الانتخاب، ولكنهم خرجوا عن حصر العدد إلى حصر النوع، فقصروا رئاسة الدولة على الفقيه الشيعي.
وهو فعلياً غير معصوم بالاتفاق، ولا عنده نص يخوّله للإمامة، وهم بهذا الأمر نسخوا فعلياً نظرية الإمامة التي شقوا بها صفوف الأمة، فأصبح الإنسان العادي حتى ولو كان من غير أهل البيت يستطيع أن يحكم ويقود بحجة أنه فقيه.
وقد فصَّل الأستاذ أحمد الكاتب تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى إلى ولاية الفقيه، وتحدث عن أمير المؤمنين الحسن بن علي رضي الله عنه والشورى، وبيّن بوضوح أن الحسن بن علي لم يعتمد في دعوة الناس لبيعته على ذكر أي نص حوله من الرسول صلى الله عليه وسلم، أو من أبيه أمير المؤمنين علي، وتحدث عن إيمان الحسن بن علي بنظام الشورى وحق الأمة في الانتخاب إمامها، وقد تجلى هذا الإيمان مرة أخرى عند تنازله عن الرئاسة إلى معاوية، واشتراطه عليه العودة إلى نظام الشورى بين المسلمين، ولو كانت الخلافة بالنص من الله والتعيين من الرسول.
كما تقول النظرية الإمامية لم يكن يجوز للإمام الحسن أن يتنازل عنها لأي أحد تحت أي ظرف من الظروف، ولم يكن يجوز له بعد ذلك أن يبايع معاوية أو أن يدعو أصحابه وشيعته لبيعته، ولم يكن يجوز أن يهمل الإمام الحسين، ولا أشار إلى ضرورة تعيينه من بعده، ولكن الإمام الحسن لم يفعل أي شيء من ذلك، وسلك مسلكاً يوحي بالتزامه بحق المسلمين في انتخاب خليفتهم عبر نظام الشورى.
وقد ظل الشهيد الحسين رضي الله عنه ملتزماً ببيعة معاوية إلى اخر يوم من حياة الأخير، ورفض عرضاً من شيعة الكوفة بعد وفاة أمير المؤمنين الحسن بالثورة على معاوية، وذكر أن بينه وبين معاوية عهداً وعقداً لا يجوز له نقصه، ولم يدع إلى نفسه إلا بعد وفاة معاوية الذي عهد إلى ابنه يزيد بالخلافة بعده، حيث رفض الحسين البيعة له، وأصر على الخروج إلى العراق حيث استشهد في كربلاء عام (61هـ).
يمكنكم تحميل كتاب التداول على السلطة التنفيذية من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي