الإثنين

1446-10-30

|

2025-4-28

(علاقة عماد الدين زنكي ببني أيوب حكام تكريت 526 هـ 541 هـ)

من كتاب عصر الدولة الزنكية ونجاح المشروع الإسلامي بقيادة نور الدين الشهيد في مقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي

الحلقة: 42

بقلم: د.علي محمد الصلابي

صفر 1444 ه/ سبتمبر 2022م

تعتبر علاقة عماد الدين زنكي بالبيت الأيوبي الكردي متميزة، وبدأت هذه العلاقة في الثاني عشر من ربيع الاخر عام 526 هـ عندما انهزم زنكي في أعقاب المعركة التي دارت بينه ـ كحليف للسلطان مسعود ـ وبين قوات المَلِكَيْن: طغرل، وداود المنافسين للسلطان المذكور(1)، وانسحب بفلول جيشه نحو تكريت التي كان يحكمها نجم الدين أيوب(2)، فأقام هذه المعابر على دجلة، وجهّز عدداً من السفن لنقل قواته إلى الضفة الأخرى التي تقع عليها مدينة تكريت، وهناك أحسن نجم الدين إلى زنكي وجنده، وداوى جراحهم، وقدَّم إليهم سائر ما يحتاجون إليه، وبعد أسبوعين غادر زنكي وأتباعه تكريت مودعين بمثل ما استقبلوا به من حفاوة وإكرام(3). وأخذ يرسل الهدايا إلى نجم الدين تباعاً اعترافاً منه بفضله وحسن ضيافته(4). وعندما بُلِّغَ بهرور ـ شحنة بغداد ـ موقف نائبه في تكريت من زنكي؛ بعث إليه رسولاً ليعاتبه على إحسانه لعدو سلاجقة العراق، وإطلاق سراحه بعد أن كان قد وقع في يديه(5)، وازداد حرج بهرور لدى قيام أسد الدين شيركوه بقتل أحد سكان تكريت بسبب تعرضه لإحدى النساء، واضطرّ إلى إصدار أمره إلى نجم الدين بمغادرة تكريت، وجميع أفراد عائلته، ولم يكن باستطاعة بهرور معاقبة أسد الدين شيركوه لما بين الطرفين من صداقة قديمة ترجع إلى زمن أبيه(6).

وفي هذه الفترة الحرجة من أواخر عام 532 هـ ولد صلاح الدين لنجم الدين أيوب، واضطرت العائلة لمغادرة تكريت، وربما كان ذلك في الليلة التي ولد فيها الطفل المذكور(7)، ولم يكن هناك ملجأ أكثر أمناً لهذه العائلة الطريدة من كنف الأمير الذي أحسنوا إليه قبل عدة أعوام، ولم ينس زنكي الإحسان، فاستقبل عائلة بني أيوب أحسن استقبال، وأقطع رجالاتها الإقطاعات الواسعة(8)، وأتاح للأخوين نجم الدين وأسد الدين الانخراط في قواته(9)، والإشراف على تربية أبنائه(10)، والاشتراك في الحروب التي خاضها في الشام ضدَّ الصليبيين(11)، وظلت العائلة الأيوبية تنعم بحماية عماد الدين زنكي، وأخذت علاقاتها به تزداد وثوقاً يوماً بعد يوم. وعندما استولى على بعلبك عام 534 هـ عيَّن نجم الدين أيوب والياً عليها، وأقطعه ثلثها(12)، فاستقر هناك هو وأفراد العائلة الأيوبية(13)، وظل يمارس مهام عمله كوالٍ لزنكي حتى مقتل الأخير عام 541 هـ، وكان صلاح الدين خلال تلك الفترة قد ترعرع في كنف والده، وبدت عليه سمات النجابة والذكاء، والتمعتْ عيناه ببريق القوة.(14)

وهكذا قُدِّرَ لعماد الدين زنكي أن يلعب دوراً هاماً في إظهار العائلة الأيوبية في المجالات السياسية، والعسكرية، والإدارية، وأن يمهِّد لها الطريق إلى المكانة الكبيرة التي تمتعت بها في عهد ابنه نور الدين محمود.(15)

مراجع الحلقة الثانية والأربعون:

( ) عماد الدين زنكي ص 76.

(2) عماد الدين زنكي ص 76.

(3) المصدر نفسه ص 77.

(4) كتاب الروضتين (2/537).

(5) وفيات الأعيان (6/142) عماد الدين زنكي ص 77.

(6) الباهر ص 119 عماد الدين زنكي ص 77.

(7) وفيات الأعيان (6/143 ـ 144) عماد الدين زنكي ص 77.

(8) كتاب الروضتين (2/538).

(9) الباهر ص 119 عماد الدين زنكي ص 77.

(0 ) عماد الدين زنكي ص 77.

(1 ) كتاب الروضتين (2/538) عماد الدين زنكي ص 77.

(2 ) الكامل في التاريخ (8/750) عماد الدين زنكي ص 78.

(3 ) عماد الدين زنكي ص 78.

(4 ) عماد الدين زنكي ص 78.

(5 ) المصدر نفسه ص 78.

يمكنكم تحميل كتاب عصر الدولة الزنكية ونجاح المشروع الإسلامي بقيادة نور الدين الشهيد في مقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي

من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي

alsallabi.com/uploads/file/doc/106969.pdf


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022