(ضم عماد الدين زنكي لأقاليم في سوريا والعراق)
الحلقة: 41
بقلم: د.علي محمد الصلابي
صفر 1444 ه/ سبتمبر 2022م
1 ـ سنجار والخابور:
لم يتعرض زنكي ـ حين توجه إلى حلب ـ للمدن والحصون الواقعة على الطريق بينها وبين الموصل؛ إذ كانت الظروف تستدعي منه أن يضع يده على حلب أولاً، ثم ينطلق لفرض سيطرته على المواقع الأخرى من أجل تأمين الطريق إلى الشام. وما إنْ أقرَّ الأوضاع في المدينة المذكورة حتى اتَّجه في أواخر عام 522 هـ للاستيلاء على سنجار، والمناطق المجاورة(1)، وفرض الحصار عليها، إلا أن أهاليها امتنعوا عليه، وحين لم يروا من مقاومتهم جدوى إزاء إصرار زنكي على اقتحام المدينة، اضطروا إلى مصالحته، وتسليم سنجار إليه.(2) ثم ما لبث أن أرسل من هناك بعض قواته إلى الخابور(3)؛ حيث تمكنت من الاستيلاء عليه(4). وكانت سنجار تقع وسط الطريق بين الموصل وحلب، وتشكل منطلقاً للسيطرة على المناطق الأخرى(5)، ولذا فقد حقق زنكي باستيلائه عليها نصراً هاماً(6).
2 ـ ضمُّ حرَّان:
كانت حرَّان تابعة لعز الدين مسعود بن البُرسُقي، وكانت قد تعرضت بعد وفاته لتهديدات الصليبيين الذين كانوا قد استولوا على بعض المواقع القريبة منها كالرُّها، وسروج، فاستدعى أهلها عماد الدين زنكي في عام 523هـ/1129م؛ إذ انتهت المشكلة بوفاة «سوتكين»(7).
3 ـ ضمُّ إربل:
أدرك عماد الدين زنكي أهمية إربل العسكرية بالنسبة للموصل؛ إذ هي بمثابة الباب الشرقي الذي يصلها ببلاد فارس والمشرق، ونقطة الدفاع الرئيسية في الطريق الذاهب غرباً صوب الشام، وعندما أتيحت له فرصة مهاجمتها لم يتردَّد رغم كونها من ممتلكات مسعود بن محمد السلجوقي سلطان أذربيجان، فهاجمها عام 526 هـ، وشدد النكير عليها، إلا أن حاميتها استطاعت أن تصمد لحين تقدُّم السلطان مسعود لنجدتها، فاضطر زنكي إلى الانسحاب، ثم رأى مسعود أن يضحي بهذا الموقع؛ كي يكسب زنكي إلى جانبه في صراعه ضدَّ منافسيه من أجل الحصول على عرش سلاجقة العراق، فوافق الأخير على اتفاق كهذا يتيح له ضم موقع هام إلى إمارته قد يساعده في المستقبل على التوغل شرقاً، وبعد أن أخذ كلٌّ من الحليفين العهود من صاحبه؛ تسلم زنكي إربل، وعيَّن فيها نائباً عنه(8.
4 ـ ضمُّ الرَّقـة(9):
مرَّ عماد الدين زنكي بالرقة في عام 529 هـ/1135 م، وهو في طريقه إلى دمشق، في محاولة لضمِّها، فرأى أن يضمها إلى أملاكه، فانتهز هذه الفرصة، ونفَّذ خدعة ذكية، فأعلن رغبته بالاستحمام في حمام البلد، فقام حاجبه الياغسياني بتدبير هذا الأمر، واتفق مع مسيِّب بن مالك صاحب الرقة، الذي لم يشك في نوايا عماد الدين زنكي ورجاله، على السماح للجيش بدخول المدينة، وما إن أصبح اخر جندي داخل السور حتى أمر عماد الدين زنكي قواته بالاستيلاء على المدينة، فأبعد المسيِّب، وأقطعها أحد أمرائه(10).
5 ـ ضمُّ دقوقا(11) وشهرزور(12):
ضمَّ عماد الدين زنكي دقوقا في عام 531 هـ/1137 م عنوةً(13)، ودخل بعد ثلاث سنوات قلعة شهرزور، الواقعة وسط سهل واسع يمتد من إربل إلى همذان ويقطنه الأكراد(14)، وقد ارتبط هذا الضمُّ بالمدى الذي وصلت إليه العلاقات بين الأمير قفجاق بن أرسلان تاش التركماني حاكم شهرزور، وبين السلطان السلجوقي مسعود، فخشي عماد الدين زنكي أن يتنازل الأمير التركماني عن بعض أملاكه للسلطان، ومنها شهرزور، فيغدو مجاوراً لإمارة الموصل، فيشكل عندئذ خطراً جدِّياً عليه.(15)
6 ـ التوسع باتجاه الجنوب:
توسع عماد الدين زنكي بين عامي (536 هـ 538 هـ/1141 م ـ 1143 م) في الجنوب الغربي، فضمَّ الحديثة الواقعة على الفرات(16)، وعانة القريبة منها(17)، وفي عام 541 هـ/1146 م كان قـد بلغ درجة من القوة مما دفعه إلى ضمِّ قلعة جعبر المطلة على الفرات عملاً بخطته القاضية؛ بألاَّ يبقى وسط بلاده ما هو ملك لغيره(18). وكانت هذه القلعة تحت حكم العقيليين، فهاجمها على حين غرَّة وحاصرها، وتوغلت قواته في ربضها، واستمرَّ القتال حتى اليوم الخامس من شهر ربيع الاخر، حيث اغتيل عماد الدين زنكي، فساد الاضطراب صفوف جيشه، فاضطر أفراده إلى فك الحصار.(19)
مراجع الحلقة الواحدة والأربعون:
( ) عماد الدين زنكي ص 74.
(2) الباهر ص 37 الكامل في التاريخ (8/661).
(3) عماد الدين زنكي ص 74.
(4) الباهر ص 37 الكامل في التاريخ (8/661).
(5) عماد الدين زنكي ص 74.
(6) المصدر نفسه ص 74.
(7) مفرج الكروب (1/84) تاريخ الزنكيين ص 102.
(8 مفرج الكروب (1/97) عماد الدين زنكي ص 76.
(9) مدينة على الفرات بينها وبين حرّان ثلاثة أيام معدودة.
(0 ) زبدة حلب (2/450) تاريخ الزنكيين ص 76.
(1 ) دقوقا: مدينة بين إربل وبغداد الحموي (8/459).
(2 ) شهرزور: كورة واسعة في الجبال بين إربل وهمذان.
(3 ) الكامل في التاريخ نقلاً عن تاريخ الزنكيين ص 103.
(4 ) معجم البلدان.
(5 ) الباهر ص 57 ـ 58 تاريخ الزنكيين ص 104.
(6 ) تقع على جزيرة وسط الفرات وهي غير حديثة الموصل.
(7 ) عانة: بلد مشهور، بين الرقة وهيت يعد في أعمال الجزيرة.
(8 ) الكامل في التاريخ نقلاً عن تاريخ الزنكيين ص 104.
(9 ) الكامل في التاريخ نقلاً عن تاريخ الزنكيين ص 104.
يمكنكم تحميل كتاب عصر الدولة الزنكية ونجاح المشروع الإسلامي بقيادة نور الدين الشهيد في مقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي