(النبيّ والرسول والنبوة والرسالة)
من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
الحلقة: 21
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
ذو القعدة 1443 ه/ يونيو 2022م
1. النبيّ لغة واصطلاحاً:
أ- النبي لغةً:
النبأ: الخبر، والجمع أنباء، وإنّ لفلان نبأً، أي خبراً: والنبيُّ: المخبر عن الله عزّ وجل لأنه أنبأ عنه والنبيُّ: المشتق من النباوة وهي الشيء المرتفع، أي إنّه أشرف على سائر الخلق،(1) ويقول الفيروز آبادي في تعريف النبوّة: سفارة بين الله وبين ذوي العقول، لإزاحة عللهم في أمر معادهم ومعاشهم ،(2) ويقول الرّاغب الأصفهانيُّ في سبب التًّسمية: ويُسمَّى نبيّاً لرفعة محلّه عن سائر الناس المدلول عليه بقوله تعالى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} ]مريم:57[.
ب- النبيُّ في الاصطلاح:
النبيُّ هو من بُعث لتقرير شرع من قبله .(3)
2. الرّسول في اللغة والاصطلاح:
أ- الرّسول في اللغة:
أصل الرسل: الانبعاث ومنه الرّسول المنبعث، ويُراد به تارة الرفق، فَقِيل: على رِسْلِك، إذا أمرته بالرفق وتارةً الانبعاث فاشتُق منه الرّسول، والرّسول يُقال تارةً المتحمِّل، وتارةً المتحمِّل القول والرسالة .(4)
والرسول يُقال للواحد والجمع، قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} ]التوبة:128[، وللجمع: {فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ]الشعراء:16[، وجمع الرّسول: رُسُل، ورُسُل الله تارةً يُراد بهم الملائكة، قال تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} ]التكوير:19[، وتارة يُراد بهم الأنبياء، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} ]المائدة:67[.
ومعنى الرّسول في اللّغة: الذي يتابع أخبار الذي بعثه أخذاً من قولهم جاءت الإبل رُسُلاً أي: مُتتابعة، وقال أبو إسحاق النَّحويّ في قوله تعالى حكاية عن موسى وأخيه: {فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ]الشعراء:16[ معناه إنّا رسالة رب العالمين، أي: ذوا رسالة رب العالمين، وسُمِّي الرّسول رسولاً؛ لأنه ذو رسالة، والرسول: اسمُ من أرسلت وكذلك الرسالة .(5)
ب- الرّسول في الاصطلاح:
الرّسول: هو من بُعث بشرع جديد ،(6) ويقول الإمام الشوكاني في تعريفهما الذي بُيّن فيه الفرق بين النبيّ والرّسول: من بُعث بشرع وأُمِر بتبليغه، والنّبيُّ: من أُمر أن يدعو إلى شريعة من قبله، ولم يُنزّل عليه كتاب، ولابُدَّ لهما جميعاً من المعجزة الظاهرة .(7)
إذن هناك فرق بين النبي والرّسول كما تبيّن في تعريفهما الاصطلاحي، فالنبي جاء لتقرير شريعة من قبله، أما الرّسول فهو من اختص بشريعة جديدة، وكل رسولٍ نبيّ ،( وليس كل نبيّ رسول.
وإبراهيم - عليه السّلام - هو نبي رسول قد نبّأه الله تبارك وتعالى بخبر السماء، وأنزل عليه الوحي كما أمره أن يدعو الناس ويبلّغ رسالة ربّه .(9)
وقد استدل بعضهم على عدد الرسل والأنبياء بالحديث المرويِّ عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه في ذكر عدد الأنبياء والرّسل ونصّه كما يلي: عن أبي ذرّ قال: قلت: يا رسول الله، كم الأنبياء؟ قال:" مائة ألف وعشرون ألفاً"، قلت: يا رسول الله، كم الرّسل من ذلك؟ قال: "ثلاثمائة وثلاثة عشر جمّاً غفيراً"، (10)ولكن هذا الحديث ضعيف في إسناده .(11)
والصحيح أن عدد الرّسل والأنبياء لا يعلمه إلا الله لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} ]غافر:78[.
مراجع الحلقة الواحدة والعشرون:
(1) تنوّع خطاب القرآن الكريم في العهد المكّي، رجاء بنت صالح محمد البحر، ص244.
(2) مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني، ص790.
(3) روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، الآلوسي، (17/173).
(4) تنوّع خطاب القرآن الكريم في العهد المكّي، رجاء بنت صالح محمد البحر، ص244.
(5) معجم لسان العرب، ابن منظور، مادة (رسل).
(6) روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، الآلوسي، (17/173).
(7) فتح القدير، الشوكاني، (3/461).
(8 تنوع خطاب القرآن الكريم في العهد المكّي، رجاء بنت صالح محمد البحر، ص245.
(9) إبراهيم عليه الصلاة والسلام في القرآن الكريم دراسة موضوعية، محمد الأمين إسماعيل، ص2.
(10) صحيح ابن حبّان، كـ السيَّر، رقم (361).
(11) في سنده إبراهيم في وحي الغسّاني: كذّاب.
يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي