(الأنبياء والرسل كقدوة حسنة للخلق)
من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
الحلقة: 27
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
ذو القعدة 1443 ه/ يونيو 2022م
كمّل الله الأنبياء بالأخلاق الفاضلة، وعصمهم من الشبهات والشهوات النازلة، فهم نبراس الهدى، ومصابيح الدّجى، يقتدي بهم الخلق، ويتخذون من سيرتهم وحياتهم قدوة يسيرون على منوالهم حتى يصلوا إلى دار السلام ويحطوا رحالهم في ساحة ربّ الأنام.
وهم قدوة الأتباع والأسوة الحسنة لمن أطاع في العبادات والأخلاق والمعاملات، والاستقامة على دين الله، ومن الآيات التي ورد فيها الاقتداء بهدي الأنبياء قوله تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} ]الممتحنة:4[.
ومن الآيات الواردة في الأمر بالاهتداء بهدي الأنبياء، وما شرعه الله عزّ وجل في سورة الفاتحة في كل صلاة، أن ندعوه سبحانه بأن يهدينا صراطهم المستقيم، وذلك في قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} ]الفاتحة:6-7[، وأول من يدخل في صف المُنعم عليهم هم أنبياء الله تعالى وأتباعهم، وذلك لقوله تعالى بعد أن ذكر جملة من الأنبياء الكرام في سورة مريم: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} ]مريم:58[.
إنَّ حياة الأنبياء - عليهم السلام - هي الحياة المعصومة، خاصة فيما يتعلق بالعقيدة، وما أمروا بتبليغه؛ وذلك لأن الله تعالى اجتباهم واصطفاهم عن علمٍ وحكمة، قال تعالى: {وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا..} ]مريم:58[، وقال سبحانه عن إبراهيم وإسحاق ويعقوب (عليهم السلام): {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (47)} ]ص:46-47[، وقال عن نبيّه موسى عليه الصلاة والسلام: {..وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} ]طه:39[، وقال سبحانه عن علمه بمن يختار من رسله: {..اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} ]الأنعام:124[. وقال سبحانه: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} ]الحج:75[
وإن الآيات في ذلك كثيرة، والحاصل منها أن من اصطفاه الله عزّ وجل واجتباه لرسالته هم أولى بالاتبّاع والاقتداء؛ وذلك لحفظ الله عزّ وجل لهم وعصمته لهم من الزلل والانحراف، ولو وقع منهم الخطأ لم يُقرّوا على ذلك، فحَريّ بمن هذه صفاتهم أن يُقتدى بهم وتدرس حياتهم ويُتعرف على هديهم، وذلك لضمان الاهتداء وعدم الانحراف، لهداية الله عزّ وجل وعصمته لهم؛ فيتم الاقتداء من المقتدين وهم في غاية الاطمئنان على صحة ما يأخذونه ويقتدون به وسلامته من الانحراف .(1)
مراجع الحلقة السابعة والعشرون:
(1) وقفات تربوية في ضوء القرآن الكريم، عبد العزيز ناصر الجليل، (3/18).
يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي