(الحكمة من تقديم إسحاق على إسماعيل عليهما السلام في سورة الأنعام)
من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
الحلقة: 63
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
محرم 1444ه / أغسطس 2022م
أجاب المفسر الكبير الرازي على ذلك، فقال: فإن قالوا: لمَ لم يذكر إسماعيل مع إسحاق - عليهما السلام- بل ذكر آخر ذكره عنه بدرجات؟ قلنا: لأن المقصود بالذكر هنا أنبياء بني إسرائيل، وهم بأسرهم أولاد إسحاق ويعقوب - عليهما السلام -، وأما إسماعيل - عليه السّلام - فإنه ما خرج من صلبه أحد من الأنبياء إلا محمد صلّى الله عليه وسلّم ولا يجوز ذكر محمد صلّى الله عليه وسلّم في هذا المقام؛ لأنه تعالى أمر محمداً صلّى الله عليه وسلّم أن يحتج على العرب في نفي الشرك بالله بأن إبراهيم لما ترك الشرك وأصر على التوحيد، رزقه الله النعم العظيمة في الدين والدنيا، ومن النعم العظيمة في الدنيا أن آتاه الله أولاداً كانوا أنبياء وملوكاً، فإذا كان المحتج بهذه الحجة هو محمد صلّى الله عليه وسلّم امتنع أن يذكر نفسه في هذا المعرض، فلهذا السبب لم يذكر إسماعيل مع إسحاق.(1)
هذا وجه ظاهر قوي، ويعنى بذلك: أن إسماعيل وإسحاق عليهما السلام لم يذكرا مقترنين وإلا فإن إسماعيل - عليه السّلام - ذُكر بعد ذكر إسحاق - عليه السّلام - بآية واحدة.
وقال البقاعي في ذكر حكمة الابتداء بإسحاق ويعقوب - عليهما السلام -: وابتدأ سبحانه بهما؛ لأن السّياق للامتنان على الخليل - عليه السّلام - وهو أشدُّ سروراً بابنه الذي مُتّع به، ولم يؤمر بفراقه، وابن ابنه الذي أكثر الأنبياء الداعين إلى الله من نسله ومن خواصه، وهو الموجب الأعظم للبداءة أن أبناءه طهروا الأرض المقدسة التي هي دار إبراهيم - عليه السّلام - ومختاره للسكنى بنفسه ونسله، بل مختار الله له ولهم بعده بمدد طهورها من الشرك وعبادة الأوثان، ودعوا إلى الله ونوروا الأرض بعبادته .(2)
مراجع الحلقة الثالثة والستون:
( ) التفسير الكبير مفاتيح الغيب (تفسير الرازي)، (6/359).
(2) سليمان إبراهيم الحصين، حديث القرآن عن إسماعيل وإسحاق عليهما السلام، (7/1770).
يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي
