تأملات في الآية الكريمة: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ}
من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
الحلقة: 103
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
ربيع الأول 1444ه / أكتوبر 2022م
بدأت الآيات بأمر إلهي لرسول الله محمد صلّى الله عليه وسلّم بأن يتلو على الناس {نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ}، والنبأ هو الخير العظيم المتحقق يقيناً، قال عبد الرؤوف المناوي في التعاريف: النبأ خبر ذو فائدة عظيمة يحصل به علم أو غلبة ظن، ولا يقال للخبر نبأ حتى يتضمن هذه الأشياء الثلاثة، وحق الخبر الذي يقال فيه نبأ أن يُعرّى عن الكذب، كالتواتر وخبر الله سبحانه وتعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، والنبوّة سفارة بين الله سبحانه وتعالى وبين ذوي العقول من عبيده لإزاحة عللهم في معاشهم ومعادهم، والنبيُّ سمّي به؛ لكونه مُنبِئاً بما تسكن به العقول الذكية(1).
وإنَّ قصة خليل الله إبراهيم - عليه السّلام - وخبره قد رواها لنا القرآن الكريم، والذي هو كلام الله سبحانه وتعالى، ومن أصدق من الله حديثاً، وقصته بالنسبة لنبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم ولأمته من الغيب ونحن نؤمن به، وإنّ الغيب على ثلاثة أنواع:
- غيب ماضٍ كما هو حال أخبار إبراهيم - عليه السّلام - والأنبياء والأمم من قبله ومن بعده.
- وغيب مستقبل وهو أخبار أحداث الزمن الآتي كم عمر الدنيا ومآلاتها وأخبار القيامة والجنة والنار.
- وغيب حاضر وهو أحوال الملائكة والجن وما شابه ذلك.
كل هذا وذلك من {أَنْبَاءِ} الغيب الذي أنزله الله سبحانه وتعالى على قلب محمد صلّى الله عليه وسلّم، فيقول الله تعالى: {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} ]هود:49[. والإيمان بالغيب في ملة إبراهيم - عليه السّلام - هو جزء لا يتجزأ من الإيمان بالله سبحانه وتعالى وقد جعل الله الإيمان بالغيب من أركان الإيمان وهو أول صفات المتقين وذلك في قوله تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)} ]البقرة:2-3[.
وفي وقفة شجاعة ومشهد عظيم وجرأة منقطعة النظير، يقف النبي إبراهيم - عليه السّلام - ليدافع عن توحيد الله عزّ وجل وإفراد العبادة له سبحانه وتعالى، ويدعو الناس لدين الله عزّ وجل الذي ارتضاه الله ويؤدي ما عليه من أمانة وواجب؛ فيفتح حواراً جريئاً مع المشركين، مناظرة من أجل نصرة الحق فحسب، وليس من أجل الرياء ولا المِراء ولا المكاسب الدنيوية، ويوضح لنا نحن أتباع ملته بأن الدين في أصوله العظيمة، الدعوة إلى التوحيد ومحاربة الشرك مهما كان الثمن غالياً(2).
مراجع الحلقة الثالثة بعد المائة:
(1) التوقيف على مهمات التعاريف، محمد عبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي المناوي القاهري (1/691).
(2) ملة أبيكم إبراهيم، عبد الستار كريم المرسومي، ص31.
يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي