أرأيت الذي ينهى..! (3)
الحلقة المئة من كتاب
مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)
رجب 1443 هــ / فبراير 2022
الدين ليس لجر النواصي:
هذا المعنى العظيم والراقي يجب أن نقرأه في هذا السياق، كما نقرأ آلاف الحالات التي نجد فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم حين قام في قومه ودعاهم إلى الله والتوحيد، واجه الكثير ممن كفر وحارب الدعوة، ومع ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غاية الصبر عليهم، وفي غاية الحلم وحسن الاستقبال لمَن آمن منهم، فلم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما كان يدخل الرجل منهم في الإسلام يعقد له محضرًا، أو جلسة، ويحاسبه على ما سبق منه، بل إن من العجب أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما هاجروا من مكة إلى المدينة تركوا بيوتهم وأموالهم وديونهم عند الناس، وخرجوا مهاجرين إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم، واستولى عليها المشركون، فاعتبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم تركوها لله وخرجوا منها في سبيل الله، فلما رجعوا إلى مكة وفتح الله تعالى هذا البلد الطيب على رسوله صلى الله عليه وسلم لم يأخذ من المشركين شيئًا من الأموال التي كانت عندهم، ولم يحاسبهم على ما مضى بعدما دخلوا في دين الله عز وجل.
يقولون في المثل الأجنبي: «ابنِ للعدو الهارب جسرًا». يعني: إذا ولَّى عدوك هاربًا منك فلا تحاول أن تمنعه من الهرب أو تحيط به، بل ابنِ له جسرًا ودعه يهرب، فالحياة ليست تصفيات بشكل دائم؛ الحياة فيها قدر كبير من التسامح وغض الطرف، وفيها قدر كبير من الحلم والصفح، بهذه المعاني يستطيع الناس أن يتعايشوا فيما بينهم، فالتعايش له قوانين هذه من أعظمها وأهمها، فليس التدين والدخول في الإسلام يعني جر النواصي، ومصادرة إنسانية الناس وكرامتهم، بل يجب أن يفهم الناس أن دخولهم في الدين يعني لهم المزيد من الكرامة والحرية، والعدل والإنصاف.
رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
http://alsallabi.com/books/view/506
كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي