ما حكم استعمال مانع الحمل (اللولب)؟ وهل اختلف فيه حكم العلماء؟ أفيدونا أثابكم الله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فاستعمال اللولب طريقة من طرق منع الحمل المؤقت، وهو من الوسائل المستعملة حديثاً حيث كان أول استعمال له في قرابة عام 1870م وبدأ في الرواج عام 1962م بعد أن طُوّر بشكل يسّهل استخدامه، وهو يعتمد على منع العلوق بجدار الرحم وإعاقة وصول الحيوانات المنويّة إلى قناة الرحم.
وقد اختلف أهل العلم في منع الحمل المؤقت بالطريقة المعروفة قديماً وهي (العزل) على أقوال، فذهب الجمهور إلى جواز العزل مطلقاً، وذهب بعض الفقهاء إلى تحريم العزل مطلقاً، أو تحريم العزل بغير إذن الزوجة ورضاها.
ومن أباح العزل استدل بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه إذ قال: "كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل" متفق عليه، وزاد مسلم في رواية (فبلغ ذلك نبي الله فلم ينهنا) فلو كان العزل محرماً لما أقرهم عليه، وهذا دليل على إباحة العزل.
وقد استدل من منع العزل بأنّ النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن العزل فقال: "ذلك الوأد الخفي" رواه مسلم. والحقيقة أن هذا الحديث لا يدل على تحريم العزل، بل المراد به أنه يقلّل الولد كما يقلله الوأد، وذلك لأنّ العزل لا يمنع الحمل بالكلية لاحتمال علوق المرأة مع العزل، فقد روى أبو سعيد الخدري أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن العزل وأن اليهود تحدّث أن العزل المؤودة الصغرى فقال: كذبت يهود لو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه" رواه أبو داود واسناده صحيح. فتكذيب اليهود ثم نسبته بالوأد دليل أن المراد هو أن العزل يقلل احتمال العلوق ولا يمنعه.
ولكن من تأمل النصوص الشرعية الدالة على الترغيب في التناسل والتكاثر والحرص على المرأة الولود أدرك يقيناً أن العزل مع إباحته فهو خلاف الأولى، والذي هو الحرص على إكثار النسل إلا لوجود حاجة كمرض المرأة أو احتياج الزوجين للمباعدة بين فترات الحمل لأي ظرف.
وبناء على ما تقدم فإن وسائل منع الحمل الحديثة مقيسة على العزل لاشتراكها معه في منع الحمل مؤقتاً فهو جائز مع الكراهة إلا لحاجة.
يقول الزرقاني: ومثل العزل أن يجعل في الرحم خرقةً تمنع وصول الماء للرحم (شرح خليل3/224) وقال الصنعاني: معالجة المرأة لإسقاط النطفة قبل نفخ الروح متفرع جوازه وعدمه على الخلاف في العزل... (سبل الإسلام 3/179).
وقد صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم 39 في 6/5/1409هـ المتضمن: (جواز التحكم المؤقت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل أو إيقافه لمدّة معيّنة من الزمان: إذا دعت إليه حاجة معتبرة شرعاً بحسب تقدير الزوجين عن تشاور بينهما وتراض بشرط أن لا يترتب على ذلك ضرر، وأن تكون الوسيلة مشروعة، وأن لا يكون فيها اعتداء على حمل قائم. والله أعلم.