الإثنين

1446-10-30

|

2025-4-28

من كتاب الدولة الأموية عوامل الإزدهار وتداعيات الإنهيار (ج1)

(موقف يزيد من قتل الحسين ومن أبناء الحسين وذريته)

الحلقة: الثمانون

بقلم: د. علي محمد الصلابي

ربيع الآخر 1442 ه/ نوفمبر 2020

كتب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية يخبره بما حدث، ويستشيره في شأن أبناء الحسين ونسائه، فلما بلغ الخبر يزيد بن معاوية بكى وقال: كنت أرضى من طاعتكم ـ أي أهل العراق ـ بدون قتل الحسين، كذلك عاقبة البغي والعقوق، لعن الله ابن مرجانة لقد وجده بعيد الرحم منه، أما والله لو أني صاحبه لعفوت عنه، فرحم الله الحسين ، وفي رواية أنه قال: ... أما والله لو كنت صاحبه، ثم لم أقدر على دفع القتل عنه إلا ببعض عمري لأحببت أن أدفعه عنه ، فجاء رد يزيد على ابن زياد يأمره بإرسال الأسارى إليه، وبادر ذكوان أبو خالد فأعطاهم عشرة الاف درهم فتجهزوا بها ، ومن هنا يعلم أن ابن زياد لم يحمل ال الحسين بشكل مؤلم أو أنه حملهم مغللين، كما ورد في بعض الروايات ، وقد مر معنا كيف أن ابن زياد قد أمر للأسارى بمنزل منعزل وأجرى عليهم الرزق والنفقة وكساهم .
وتذكر رواية عوانة أن محفز بن ثعلبة هو الذي قدم بأبناء الحسين على يزيد ، ولما دخل أبناء الحسين على يزيد قالت فاطمة بنت الحسين: يا يزيد ! أبنات رسول الله ﷺ سبايا ؟! قال: بل حرائر كرام. ادخلي على بنات عمك تجديهن قد فعلن ما فعلت. قالت فاطمة: فدخلت إليهن فما وجدت فيهن سفيانية إلا ملتزمة تبكي . وعندما دخل علي بن الحسين قال يزيد: إن أباك قطع رحمي وظلمني فصنع الله به ما رأيت ـ وكان علي بن الحسين في معركة كربلاء لم يشترك بسبب المرض الذي كان ملازمه، وكان أثناء احتدام المعركة طريح الفراش، فحمل إلى ابن زياد مع بقية الصبيان والنساء ـ فرد علي بن الحسين على يزيد: {مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مِّن قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ } [سورة الحديد:22] . ثم طلب يزيد من ابنه خالد أن يجيبه، فلم يدر خالد ما يقول، فقال يزيد: قل له:{وَمَآ أَصَٰبَكُم مِّن مُّصِيبَةٖ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖ } [سورة الشورى:30]
وتحاول بعض الروايات ذات النزعات والميول الشيعية أن تصور أبناء الحسين وبناته وكأنهن في مزاد علني، جعل أحد أهل الشام يطلب من يزيد أن يعطيه إحدى بنات الحسين .
فهذا من الكذب البين الذي لم يدعمه سند صحيح، ثم إنها مغايرة لما ثبت من إكرام يزيد لال الحسين، ثم إن يزيد لم يستعرض النساء ويجعلهن عرضة للجمهور من أراد فليختار ما يشاء .
وأرسل يزيد إلى كل امرأة من الهاشميات يسأل عن كل ما أخذ منهن، وكل امرأة تدعي شيئاً بالغاً ما بلغ إلا أضعفه لهن في العطية ، وكان يزيد لا يتغدى ولا يتعشى إلا دعا علي بن الحسين . وذُكر أن رأس الحسين أرسل إلى يزيد، فهذا لم يثبت، بل إن رأس الحسين بقي عند عبيد الله في الكوفة .
- رجوع أهل الحسين وأبنائه إلى المدينة:
بعث يزيد إلى المدينة فقدم عليه ذوي السن من موالي بني هاشم ومن موالي بني علي ، وبعد أن وصل الموالي أمر يزيد بنساء الحسين وبناته أن يتجهزن، وأعطاهن كل ما طلبن حتى لم يدع لهم حاجة بالمدينة إلا أمر بها ، ثم أمر النعمان بن بشير أن يقوم بتجهيزهم ، وقبل أن يغادروا قال يزيد لعلي بن الحسين إن أحببت أن تقيم عندنا نصل رحمك ونعرف لك حقك فعلت . ولكن علي بن الحسين اختار الرجوع إلى المدينة، وأكرم أبناء الحسين وخيّرهم بين المقام عنده والذهاب إلى المدينة، فاختاروا الرجوع إلى المدينة ، وعند مغادرتهم دمشق كرّر يزيد الاعتذار من علي بن الحسين، وقال: لعن الله ابن مرجانة، أما والله لو أني صاحبه ما سألني خصلة أبداً إلا أعطيتها إياه، ولدفعت الحتف عنه بكل ما استطعت ولو بهلاك بعض ولدي، ولكن الله قضى ما رأيت، كاتبني بكل حاجة تكون لك .
وأمر يزيد بأن يرافق ذرية الحسين وفد من موالي بني سفيان ، وكان عددهم ثلاثين فارساً، وأمر المصاحبين لهم أن ينزلوا حيث شاؤوا ومتى شاؤوا وبعث معهم أيضاً محرز بن حريث الكلبي ورجلاً من بهرا، وكانا من أفاضل أهل الشام ، وخرج ال الحسين من دمشق محفوفين بأسباب الاحترام والتقدير حتى وصلوا إلى المدينة . قال ابن كثير في يزيد: وأكرم ال بيت الحسين ورد عليهم جميع ما فقد لهم وأضعفه، وردهم إلى المدينة في محامل وأبهة عظيمة، وقد ناح أهله على الحسين .
يمكنكم تحميل كتاب الدولة الأموية عوامل الإزدهار وتداعيات الإنهيار
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي:
الجزء الأول:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC9(1).pdf
الجزء الثاني:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC139.pdf
كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:
http://alsallabi.com 

 


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022