(عبادة الملوك في كتب التاريخ وتعدد الآلهة)
من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
الحلقة: 176
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
جمادى الآخرة 1444ه/ يناير 2023م
تحدثت كتب التاريخ عن عبادة الملوك وتعدد الآلهة قديماً وحديثاً، فذكرت أن مجتمع إبراهيم - عليه السّلام - يعبد آلهة متعددة متنوعة، أنواع مختلفة من التماثيل وأنواع الكواكب والنجوم، عباد للشمس وللقمر، وعبّاد للنمرود الملك الطاغية الجبّار، وليس هذا الأمر غريباً، فهذه المجتمعات الوثنية تحتمل تعدد الآلهة المختلفة ورغم ما يكون بين هذه الآلهة نفسها من صراع ومعارك إلا أنّ عبّادها - رغم اختلافهم - تتسع صدورهم لعبادة آلهة كثيرة مخالفة لآلهتهم؛ لأنَّ الجميع من جنود الشيطان، بل لا يجدون غضاضة في مشاركة الآخرين عبادة هذه الآلهة الجديدة.
لهذا فإن المجتمعات الوثنية تعجّ بمئات الآلهة، هذا إله للخصب، وهذا إله الحرب، وهذا إله الحبّ، وهذا إله للخمر، وهذه الآلهة للمطر، وهذه الآلهة للصيد، وهذه للشفاء من أمراض معينة، وتلك نعبد حتى يفيض النهر، وأخرى يقربون إليها القرابين لاتّقاء شرّها وأذاها، وهكذا.
وللنجوم دور في العبادة وللقمر والشمس مكان في قلوبهم، وللبشر الآلهة مكان وأي مكان، تزعم التوراة المحرّفة أن الجبابرة هم من نسل أبناء الله، فكذلك يزعم أولئك الطغاة منذ أقدم الأزمنة إلى يومنا هذا، وهكذا كان يزعم الفراعنة في مصر، وهكذا كان يزعم أباطرة الروم، وهكذا كان يزعم ملوك بابل وأكاسرة الفرس وأباطرة الصين، وملوك الهند، وآخرهم أباطرة اليابان قبل الحرب العالمية الثانية.
إنَّ الغريب حقاً أن ماوتسي تونج مُفجر الثورة الشيوعية الإلحادية في الصين وقائدها قال لمراسل الأوبزيرفر (Observer) البريطانية في عام 1970م بعد إجراء تحقيق طويل معه: إذا لم يكن هناك إله، ولابُدّ من الشعب من إله يعبده، فلماذا تعيبون عليّ أن أكون هذا الإله؟ ولقد قدّمت لشعب الصين من الخدمات ما لم يقدمه إنسان، وغيرت معالم الصين بصورة لا مثيل لها، فمن حقي إذن أن يعبدني هذا الشعب، لماذا إذن تنكرون عليّ أنني جعلت نفسي إلهاً لشعب الصين؟ الموقف ذاته كان موجوداً منذ أربعة آلاف سنة تقريباً في زمن إبراهيم - عليه السّلام -، جعل النمرود نفسه إلهاً، واستغرب جداً أن يقف واحد من شعبه، من عبيده يقول له: إنك لست بإله، يا للهول!! كيف يجرؤ هذا الرجل على نكران ألوهيته، مع أن جميع الشعب يراها واضحة جليّة؟ ولو كان رجلاً عادياً لأمر بقتله على الفور، ولكنه إبراهيم - عليه السّلام - الذي رُمي في النار وخرج منها سالماً (1)، المحفوظ من الواحد القهار، لهذا عجز الملك عن قتله.
مراجع الحلقة السادسة والسبعون بعد المائة:
(1)لله جلَّ جلاله والأنبياء عليهم السلام في التوراة والعهد القديم (دراسة مقارنة)، محمد علي الباز، ص92.
يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي