تأملات في الآية الكريمة:
{إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}
من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
الحلقة: 147
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
جمادى الأول 1444ه / ديسمبر 2022م
هي صورة الاستسلام الخالص التي تتمثل في مجيئه لربّه، وصورة النقاء والطهارة والبراءة والاستقامة تتمثل في سلامة قلبه، والتعبير بالسلامة تعبير موحٍ مصور لمدلوله، وهو في الوقت ذاته بسيط قريب المعنى واضح المفهوم، ومع أنه يتضمن صفات كثيرة من البراءة والنقاوة والإخلاص والاستقامة إلا أنه يبدو بسيطاً غير معقد، ويؤدي معناه بأوسع مما تؤديه هذه الصفات كلها مجتمعات، وتلك إحدى بدائع التعبير القرآني الفريد، وبهذا القلب السليم استنكر ما عليه قومه واستبشعه، واستنكر القلب السليم لكل ما تنبو عنه الفطرة الصادقة من تصور وسلوك(1).
والسرُّ في نجاح إبراهيم - عليه السّلام - بعد توفيق الله له هو هذا القلب السليم، فقلبه - عليه السّلام - خالص لربّه، وقلبه سليم من كل ما يناقض التوحيد والإيمان والإخلاص، وقلبه سليم من كل مظاهر أمراض القلوب الأخرى، وبهذا القلب السليم الخالص الصّافي تحرك في حياته، ونشر رسالته وواجه أعداءه وأقبل على ربّه، فارتقى من نجاح إلى نجاح، ومن توفيق إلى توفيق(2).
فقلب إبراهيم - عليه السّلام - قد سلم لعبودية ربّه حياءً وخوفاً وطمعاً ورجاء، ففنى بحبه عن حب ما سواه، وبخوفه عن خوف ما سواه، وبرجائه عن رجاء ما سواه واستسلم لقضائه وقدره، فلم يتهمه ولم ينازعه ولم يتسخط لأقداره، فأسلم لربه انقياداً وخضوعاً وذلاً وعبودية، وسلّم جميع أحواله وأقواله وأعماله وأذواقه ومواجيده ظاهراً وباطناً من مشكاة رسالة ربه، وقلبه السليم سالم أولياء الله وحزبه المفلحين الموحدين الذين أفردوا العبادة لله وحده وعادى المشركين والكافرين(3).
مراجع الحلقة السابعة والأربعون بعد المائة:
(1) في ظلال القرآن، سيد قطب، (5/2992).
(2) القصص القرآني عرض وقائع وتحليل أحداث، صلاح الخالدي، (1/400).
(3) القلوب والأفئدة والصدور في القرآن الكريم، عبد الستار المرسومي، ص165.
يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي