السبت

1446-06-27

|

2024-12-28

(حكم الاستخلاف في الصلاة)

اقتباسات من كتاب " فقه الصلاة" للدكتور يوسف عبد الله القرضاوي (رحمه الله)

الحلقة: التاسعة والأربعون

جمادى الأول 1444ه/ ديسمبر 2022م

 

إذا حدث للإمام عذر لا تبطل به صلاة المأمومين؛ كأن تذكَّر وهو يصلي أنه على غير طهارة، أو أحدث بأن انفلت منه ريح، أو نزل منه بول، أو نحو ذلك مما ينقض الوضوء، يجوز للإمام أن يستخلف غيره من المؤمنين لتكميل الصلاة بهم، وهذا عند جمهور الفقهاء.

وعلى المتقدِّم لإتمام الصلاة بالناس أن يبدأ من حيث انتهى الإمام، فإن استخلفه وهو راكع، فيمكث في الركوع مقدار تسبيحة، أو أكثر، ثم يرفع.

ويجب على المستخلِف متى تذكر الحدث، أو حصل له، أن يستخلف، ولا يفعل أي فعل من أفعال الصلاة، وهو على غير طهارة، فإن كان راكعًا استخلف راكعًا، وإن كان ساجدًا استخلف ساجدًا، لئلَّا يقتدوا به، فتبطل صلاتهم.

وقد استخلف عمرُ عبدَ الرحمن بن عوف رضي الله عنهما حين طعنه أبو لؤلؤة المجوسي وهو يصلِّي، فصلَّى بهم عبد الرحمن صلاة خفيفة.

وعن أبي رزين قال: صلَّى عليٌّ رضي الله عنه ذات يوم، فرعف، فأخذ بيد رجل فقدَّمه، ثم انصرف.

إطالة الركعة الأولى أكثر من الثانية:

يسن للإمام أن يطيل الركعة الأولى انتظارًا للداخل ليدرك فضيلة ثواب الجماعة، فعن أبي قتادة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا، فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين، ويسمعنا الآية أحيانًا، وكان يطوِّل الركعة الأولى من الظهر ويقصر الثانية، وكذلك في الصبح. قال: فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى.

وعن أبي سعيد الخدري قال: لقد كانت صلاة الظهر تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يتوضأ ثم يجيء ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى، مما يطوِّلها.

ويسن للإمام أيضا إطالة الركعتين الأوليين وتقصير الأخريين من صلاة الرباعية، والثالثة من المغرب، لحديث جابر بن سمرة رضي الله عنه وفيه أن سعدًا رضي الله عنه قال لعمر بن الخطاب: إني لأصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمدُّ في الأوليين وأحذف في الأخريين، ولا آلو ما اقتديت به من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كيف ينصرف الإمام من صلاته؟

ينصرف الإمام إلى الناس بعد السلام عن يمينه وعن شماله، لا حرج في شيء من ذلك، لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: لا يجعلن أحدكم للشيطان شيئًا من صلاته، يرى أن حقًّا عليه ألَّا ينصرف إلا عن يمينه، لقد رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم كثيرًا ينصرف عن يساره.

ولفظ مسلم: أكثرُ ما رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلَّم ينصرف عن شماله. وعن أنس رضي الله عنه قال: أمَّا أنا فأكثر ما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه.

قال الإمام النووي رحمه الله: «وجه الجمع بينهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل تارة هذا، وتارة هذا، فأخبر كل واحد بما اعتقد أنه الأكثر فيما يعلمه، فدل على جوازهما، ولا كراهة في واحد منهما، وأما الكراهة التي اقتضاها كلام ابن مسعود، فليست بسبب أصل الانصراف عن اليمين أو الشمال، وإنما هي في حق من يرى أن ذلك لا بد منه، فإن من اعتقد وجوب واحد من الأمرين مخطئ».

وإذا أراد الانصراف فإن كان خلفه نساء استُحبَّ له أن يلبث يسيرًا، حتى ينصرف النساء، ولا يختلطن بالرجال، لما روت أم سلمة رضي الله عنها: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم قام النساء حين يقضي سلامه، فيمكث يسيرًا قبل أن يقوم".

 

هذه الحلقة مقتبسة من كتاب فقه الصلاة للدكتور يوسف عبد الله القرضاوي (رحمه الله) صص114-112


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022