(الأعذار في ترك الجماعة)
اقتباسات من كتاب " فقه الصلاة" للدكتور يوسف عبد الله القرضاوي (رحمه الله)
الحلقة: الخمسون
جمادى الأول 1444ه/ ديسمبر 2022م
تسقط الجماعة بالأعذار، سواء قلنا بأنها سنة أو فرض، فمَن تركها لعذر لم تحصل له فضيلتها، وإنما يسقط عنه الإثم أو الكراهة، وإن حضرها مع وجود الرخصة للتخلُّف عنها، حصَّل فضيلة الجماعة، ولربَّما كان له زيادة أجر إذا وجد في ذلك مشقَّة.
والأعذار التي تسقط بسببها الجماعة قسمان: أعذار عامَّة، وأعذار خاصَّة.
الأعذار العامة:
الأعذار العامَّة: كمطر، وريح عاصف بليل، ووحل شديد في الطريق، لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر المؤذِّن إذا كانت ليلة ذات برد ومطر أن يقول: "ألا صلُّوا في رحالكم".
الأعذار الخاصة:
وأما الأعذار الخاصَّة: فكمرض، وجوع وعطش شديدين، وكخوف من ظالم على نفس أو مال، ومدافعة حدث من بول أو غائط، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَن سمع النداء فلم يأتِه: فلا صلاة له إلا من عذر". قالوا: يا رسول الله، وما العذر؟ قال: "خوف أو مرض". والنفي هنا نفي الكمال لا الصحة. وكذلك الحديث المتفق عليه: "إذا وضع عشاء أحدكم وأُقِيمت الصلاةُ فابدؤوا بالعشاء، ولا يَعْجلن حتى يَفْرُغَ منه". وما روى مسلم: "لا صلاة بحضرة طعام، ولا هو يُدَافِعُه الأخبثان". ومثل ذلك أكل ذي ريح كريه، أو أن يكون مرتديًا ثيابًا قذرة تؤذي بقذارتها أو ريحها، وليس له قدرة على تغييرها، فكلُّ واحدة من هذه الحالات تعتبر عذرًا شرعيًّا، يسوِّغ لصاحبه التخلُّف عن حضور الجماعة.
ففي الصحيحين، عن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَن أكل ثومًا فلْيعتزِلَنَّ - أو قال: فليعتزل – مسجدَنا، وليقعد في بيته". وقيس عليه كل ما تأذى الناس من ريحه من طعام أو ثياب... إلخ، ولكن لا يجوز أن يتعمَّد أكل ذلك قبل الصلاة، حتى لا يذهب إلى المسجد، فإنَّما لكل امرئ ما نوى.
ومن الأعذار أيضًا: تمريض قريب أو غيره؛ لأن حفظ الآدمي أفضل من حفظ صلاة الجماعة، وكذلك الخوف من موت قريب؛ لأنه يتألَّم بذلك أكثر مما يتألَّم بذهاب ماله.
هذه الحلقة مقتبسة من كتاب فقه الصلاة للدكتور يوسف عبد الله القرضاوي (رحمه الله) صص115-114