السبت

1446-06-27

|

2024-12-28

(المساجد وعمارتها)

اقتباسات من كتاب " فقه الصلاة" للدكتور يوسف عبد الله القرضاوي (رحمه الله)

الحلقة: الواحدة و الخمسون

جمادى الأولى 1444ه/ ديسمبر 2022م

 

ومن أجل صلاة الجماعة، وما لها من فضائل، وما وراءها من ثمار طيبة، كان حرص الإسلام على بناء المساجد وعمارتها، والسعي إليها، فهي - كما ذكر القرآن - بيوت {أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور:36، 37].

وعمارتها دليل الإيمان، وعلامة الخشية، وطريق الهداية، قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [التوبة:18]، وعن أبي سعيد رضي الله عنه - مرفوعا - قال: "إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان".

وتكون عمارة المساجد ببنائها وتنظيفها وفرشها وإنارتها، كما تكون عمارتها بالصلاة فيها، وكثرة التردُّد عليها لحضور الجماعات، وتعلُّم العلم، وتعليم العلوم النافعة، وأعظم العلم النافع، تعلُّم القرآن وتعليمه، وإقامة الدروس والمحاضرات الدينية والاجتماعية المفيدة، وخصوصًا من النساء للنساء، وغير ذلك من أنواع الطاعات وإخلاص هذه العبادات كلُّها لله تعالى، كما قال الله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن:18].

كان أول مؤسَّسة أنشأها الرَّسول صلى الله عليه وسلم عقب هجرته إلى المدينة هي المسجد، وقال مرغِّبا في بناء المساجد: "مَن بنى لله مسجدًا يبتغي به وجه الله؛ بنى الله له بيتًا في الجنة".

وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَن بنى مسجدًا ولو قدر مَفْحَص قطاة: بنى الله له بيتًا في الجنة".

وبناء المساجد من الأعمال الجارية التي يلحق المؤمنَ ثوابُها بعد موته، ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته: علمًا علَّمه ونشره، وولدًا صالحا تركه، ومصحفا ورَّثه، أو مسجدًا بناه، أو بيتًا لابن السبيل بناه، أو نهرًا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحَّته وحياته تلحقه بعد موته".

وليحرص المسلم كلَّ الحرص على أن يكون المال الذي يساهم به في بناء المسجد حلالًا، فإن الصدقة من المال الحرام لا تصحُّ ولا تُقبَل، وفي الحديث: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيِّبًا".

 

هذه الحلقة مقتبسة من كتاب فقه الصلاة للدكتور يوسف عبد الله القرضاوي (رحمه الله) صص118-117


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022