تأملات في الآية الكريمة {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}
من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
الحلقة: 260
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
22 رمضان 1444ه/ 13 إبريل 2023م
1. قوله تعالى: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ}:
إنَّ هذا المشهد بين يعقوب وبنيه في لحظة الموت والاحتضار لمشهد عظيم الدلالة، قوي الإيحاء، عميق التأثير، ميت يحتضر فما هي القضية التي تشغل باله في ساعة الاحتضار؟ وما هو الشاغل الذي يعني خاطره وهو في سكرات الموت؟ وما هو الأمر الجلل الذي يريد أن يطمئن عليه ويستوثق منه؟ وما هي البركة التي يريد أن يخلفها لأبنائه ويحرص على سلامة وصولها إليهم فيسلمها لهم في محضر يسجل فيه كل المستحيلات؟ إنها العقيدة هي التركة وهي الذخر وهي القضية الكبرى، وهي الشغل الشاغل، وهي الأمر الجلل، الذي لا تشغل عنه سكرات الموت وصرعاته.
2. قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي}:
هذا هو الأمر الذي جمعناكم من أجله، وهذه هي القضية التي أردت الاطمئنان عليها، وهذه هي الأمانة والذخر والتراث.
3. قوله تعالى: {قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}:
إنهم يعرفون دينهم ويذكرونه، وإنهم يتسلمون التراث ويصونونه، وإنهم يطمئنون الوالد المحتضر ويريحونه، وكذلك ظلت وصية إبراهيم لبنيه مرعية في أبناء يعقوب وكذلك ينصون نصاً صريحاً على أنهم {مُسْلِمُونَ} والقرآن يسأل بني إسرائيل: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ}.
فهذا هو الذي كان، يشهد به الله، ويقرره، ويقطع به كل حجة لهم في التمويه والتضليل; ويقطع به كل صلة حقيقية بينهم وبين أبيهم إسرائيل، وفي ضوء هذا التقرير يظهر الفارق الحاسم بين تلك الأمة التي خلت، والجيل الذي كانت تواجهه الدعوة، حيث لا مجال لصلة، ولا مجال لوراثة، ولا مجال لنسب بين السابقين واللاحقين .(1)
مراجع الحلقة الستون بعد المائتين:
(1) في ظلال القرآن، سيد قطب، (1/117).
يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي