الإثنين

1446-10-30

|

2025-4-28

تأملات في الآية الكريمة

{وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}

من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

الحلقة: 262

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

24 رمضان 1444ه/ 15 أبريل 2023م

 

1. قول الطبري:

احتج الله لنبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم أبلغ حجة وأوجزها وأكملها وعلّمها محمداً نبيه صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا محمد، قل للقائلين لك من اليهود والنصارى ولأصحابك {كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا}: بل تعالوا نتبع ملة إبراهيم التي يجمع جميعنا على الشهادة لها بأنها دين الله الذي ارتضاه واجتباه وأمر به، فإن دينه كان الحنفية المسلمة، ويدع سائر الملل التي تختلف فيها فينكرها بعضنا، ويقرُّ بها بعضنا، فإن ذلك على اختلافه لا سبيل لنا على الاجتماع عليه، كما لنا السبيل إلى الاجتماع على ملة إبراهيم.(1)

2. قول القاسمي:

ولما أثبت إسلامه بالحنفية نفى عن غيره بقوله: {وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} وفيه تعريض بأهل الكتاب وإيذاناً ببطلان دعواهم اتباعه عليه السلام، مع إشراكهم بقولهم عزير ابن الله، والمسيح ابن الله، وقد أفادت هذه الآية الكريمة أن ما عليه الفريقان محضّ ضلال وارتكاب بطلان، وأن الدين المرضي عند الله الإسلام، وهو دعوة الخلق إلى توحيده تعالى وعبادته وحده لا شريك له، ولما خالف المشركون هذا الأصل العظيم، بعث الله نبيه محمداً خاتم النبيين لدعوة الناس جميعاً إلى هذا الأصل.(2)

وقد بيّنت الآية الكريمة تبرئة إبراهيم عليه السلام من الشرك الأكبر والأصغر، وفيها تعريض بأهل الكتاب للإشارة لما هم عليه من الشرك بعد التحريف والتبديل، وفي الآية أن أصحاب الأديان الباطلة، وكذا أصحاب البدع يدّعون دائماً أنهم على حق وأن اتباعهم يؤدي إلى الهداية.(3)

بيّن الله سبحانه وتعالى {قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} أي: هي ديانة الحق والإقبال على الله، والإعراض عمّا سواه وهي قائمة على التوحيد تاركةً الشرك والتنديد، فهذا الذي في اتباعه الهداية وفي الإعراض عن ملته الكفر والغواية.(4)

فعلينا أن نرجع إليها جميعاً، نحن وأنتم إلى ملة إبراهيم، أبينا وأبيكم وأصله ملة الإسلام وصاحب العهد مع ربه عليه {وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} بينما أنتم تشركون، ثم يدعو المسلمين لإعلان الوحدة الكبرى للدين من لدن إبراهيم أبي الأنبياء إلى عيسى بن مريم إلى الإسلام الأخير ودعوة أهل الكتاب إلى الإيمان بهذا الدين الواحد.(5)

 

مراجع الحلقة الثانية و الستون بعد المائتين:

(1) تفسير الطبري "جامع البيان في تأويل القرآن"، (3/102).

(2) محاسن التأويل، محمد جمال الدين القاسمي، (1/407).

(3) تفسير الزهراوين البقرة وآل عمران، محمد صالح المنجد، ص229.

(4) تفسير الشعراوي، محمد متولي الشعراوي، (1/608).

(5) في ظلال القرآن، سيد قطب، (1/118).

 

يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022