(الأقصى بُني بعد الكعبة بأربعين سنة على يد إبراهيم أو يعقوب عليهما السلام)
من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
الحلقة: 253
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
15 رمضان 1444ه/ 6 إبريل 2023م
بعد أن بنى الكعبة بفترة، قام ببناء المسجد الثاني المبارك المقدس وهو المسجد الأقصى في بيت المقدس، فإبراهيم هو باني الكعبة وإبراهيم هو باني الأقصى، وقد أخبرنا بذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فروى البخاري ومسلم عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أي مسجد وُضع في الأرض أولاً؟ قال: المسجد الحرام، قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم كان بينهما؟ قال: "أربعون سنة".(1)
إنّ هذا الحديث الصحيح يدلُّ على أن إبراهيم - عليه السّلام - هو باني الكعبة والأقصى، ويحدد المدة الزمنية بين أبنائها بأنها أربعون سنة.
وهذا يعني أن الأقصى بُني في القدس، قبل بني إسرائيل وقبل دخولهم فلسطين بعد موسى عليه السلام، وقبل ملك داود وسليمان، وقبل بناء سليمان للهيكل كما يزعم اليهود، فكون القدس بلداً إسلامياً هذا أمر قديم، منذ إبراهيم عليه السلام على الأقل وبناء الأقصى مسجداً لله تعالى قديم، قبل أن يوجد اليهود ويدّعوا أن لهم حقاً في فلسطين بمئات السنين، فحق المسلمين في القدس سابق لأي حق يهودي أو نصراني - إن كان لليهود أو النصارى حق فيها- وهذا الحق ثابت لهم منذ أبيهم إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام.
ونعلم أن المسجد الأقصى الذي بناه إبراهيم - عليه السّلام - قد عدت عليه العوادي، وأنه قد تهدّم، فمكانه بقي معروفاً وبقي "أقصى"، وبقي مقدساً والرسول صلّى الله عليه وسلّم أمَّ الأنبياء في الصلاة، على أطلال بناء الأقصى في ليلة الإسراء والمعراج، ثم قام المسلمون ببناء الأقصى في عهد الأمويين، أو قاموا بتجديد بنائه على الأصح، ولما عاد إبراهيم عليه السلام إلى بيت المقدس- بعد بنائه الكعبة- بقي ابنه إسماعيل عليه السلام مقيماً في مكة حول البيت، مشرفاً على الطائفين والقائمين والعاكفين والحجاج. (2)
ويرى الشيخ عثمان الخميس في كتابه القيم (فبهداهم اقتده قراءة تأصيلية في سير قصص الأنبياء عليهم السلام): أنَّ إبراهيم وإسماعيل - عليهما السّلام - بنيا الكعبة ويعقوب حفيد إبراهيم بنى بيت المقدس، فهو ثاني مسجد وضع في هذه الأرض، ثم رجع إلى أبيه وتوفي إسحاق- عليه السّلام - بعد مدة وقيل: إنه بلغ من العمر ثمانين ومئة سنة، والعلم عند الله جلّ وعلا.(3)
مراجع الحلقة الثالثة و الخمسون بعد المائتين:
(1) صحيح البخاري، رقم (3366)، صحيح مسلم، رقم (520).
(2) القصص القرآني عرض وقائع وتحليل أحداث، صلاح الخالدي، (1/415).
(3) فبهداهم اقتده "قراءة تأصيلية في سير وقصص الأنبياء"، عثمان محمد الخميس، ص180.
يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي