تأملات في الآية الكريمة {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ ...}

من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

الحلقة: 244

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

رمضان 1444ه/ مارس 2023م

]البقرة:128[:

1. قوله تعالى: {رَبَّنَا}:

نلمح هذا الاستعطاف الظاهر في تكرار لفظ {رَبَّنَا}، وما فيه من تذلل وخضوع ورغبة في الاستجابة والقبول، وكذلك في تكرار جملة {وَاجْعَلْنَا} وما فيها من سلاسة وعذوبة في موضعها(1).

نلاحظ بأن أهمية الدعاء الذي في الحقيقة عبادة عظيمة، وهو من أجلّ العبادات وأعظم القربات، بل هي العبادة كما أسماها الله في قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} ]غافر:60[، وقد صرح بذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم بقوله: الدعاء هو العبادة، ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي}(2)، فالدعاء سبب عظيم من أسباب حصول المطلوب، واندفاع المرهوب، وخير معين على تحقيق الإخلاص لله تعالى(3).

2. قوله تعالى: {وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ}:

أيّ: خاضعين لك، منقادين لحكمك، مخلصين أوجهنا بالتوحيد والعبادة لك، لا لغيرك، ولا نشرك معك في الطاعة أحداً سواك(4).

وفائدة تكرار النداء بقوله: {رَبَّنَا} إظهار الضراعة إلى الله تعالى، وإظهار أن كل دعوى من هذه الدعوات مقصودة بالذات(5).

والنبيّان الكريمان على قدر ما وهبهما الله تعالى من نعمة الإسلام والتمسك به، يطالبان ذلك تأكيداً وزيادة في الخير، يريدان طاعة مطلقة وانقياداً؛ ليكون الطلب دليلاً على الرغبة فيه، وليكون الغرض لزاماً لهما وتكليفاً، ويؤكد هذا بالجار والمجرور {لَكَ}، فطلب الانقياد والطاعة مقيد له عزّ وجل دون سواه(6). ولم يكتف إبراهيم عليه السلام بالثبات على الإسلام له ولولده، وإنما دعا لذريتهما أيضاً(7).

مراجع الحلقة الرابعة و الأربعون بعد المائتين:

(1) وجوه البيان في دعاء سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، سميرة عدلي محمد رزق، ص218.

(2) سنن الترمذي، رقم (2969)، حديث حسن صحيح.

(3) الإخلاص في القرآن الكريم، حمد الوهيبي، ص153.

(4) من لطائف التعبير القرآني حول سير الأنبياء والمرسلين، محمد فؤاد سندي، ص220.

(5) تفسير التحرير والتنوير، محمد الطاهر بن عاشور، (1/700).

(6) وجوه البيان في دعاء سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، سميرة عدلي محمد رزق، ص218.

(7) ملة أبيكم إبراهيم، عبد الستار كريم المرسومي، ص227.

يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي