الإثنين

1446-10-30

|

2025-4-28

تأملات في الآية الكريمة {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا...}

من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

الحلقة: 246

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

رمضان 1444ه/ مارس 2023م

 

أيّ: علمنا مواضع نُسكنا وعبادتنا وبصّرنا بأفعال الحج ومواقيته ومواضع العبادة فيه و"المنسك" مكان العبادة، ويؤخذ من هذا أن العبادات توفيقية لا تصحّ إلا بما شرعه الله وتتوقّف على الدليل الشرعي.(1)

وقال السعدي رحمه الله: أي: علمناها على وجه الإرادة والمشاهد ليكون أبلغ، ويحتمل أن يكون المراد بالمناسك أعمال الحج كلها كما يدلُّ عليه السياق والمقام، ويحتمل أن يكون المراد هو أعمُّ من ذلك وهو الدين كله والعبادات كلها كما يدل عليه عموم اللفظ؛ لأنّ النسك التعبد، ولكن غلب على متعبدات الحج تغليباً عرفياً، فيكون حاصل دعائهما يرجع إلى التوفيق للعلم النافع والعمل الصالح.(2)

وقال تاج القرآن الكرماني: إن كان المراد "بالمناسك" أعمال الحج، كالطواف والسعي والوقوف بعرفة والصلاة، فتكون "المناسك" جمع "مَنسك" بفتح السين، وهو مصدر، وجاز جمع المصدر هنا؛ لاختلاف الأعمال في الحجِّ، وإن كان أراد "بالمناسك" المواقف والمواضع التي يُقام فيها شرائع الحج، كمِنى وعرفة والمزدلفة، فتكون المناسك جمع "منسِك" بكسر السين، وهو اسم مكان، وهو موضع العبادة.(3)

وقال الراغب الأصفهاني: النسك: العبادة، و"الناسك" هو العابد، واختصَّ بأعمال الحج، و"المناسك": مواقف النسك وأعمالها، و"النسيكة" مختصة بالذبيحة، قال تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} ]البقرة:196[، و{نُسُكٍ}: ذبيحة يذبحها أو أقلها شاة. وقال تعالى: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ} ]الحج:67[، منسكاً أي: شريعة ومتعبداً ومنهاجاً. وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ]الأنعام:162[ {نُسُكِي} أي: ذبحي وقيل: عبادتي(4)

هذا وروي عن علي رضي الله عنه: أن إبراهيم - عليه السّلام - لما فرغ من بناء البيت ودعا بهذه الدعوة، بعث الله إليه جبريل - عليه السّلام - فحجّ به، وانطلق إلى الصفا والمروة ومِنى والمشعر الحرام وعرفات، وقال له: أعرفت ما أريتك؟ قال: نعم،(5) ولما كان العبد مهما كان لا بدّ أن يعتريه التقصير ويحتاج إلى توبة.(6)

 

مراجع الحلقة السادسة و الأربعون بعد المائتين:

(1) وجوه البيان في دعاء سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، سميرة عدلي محمد رزق، ص220.

(2) تفسير السعدي "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان"، ص93.

(3) من لطائف التعبير القرآني حول سير الأنبياء والمرسلين، محمد فؤاد سندي، ص221.

(4) المفردات في غريب القرآن، الراغب الأصفهاني، ص253.

(5) من لطائف التعبير القرآني حول سير الأنبياء والمرسلين، محمد فؤاد سندي، ص22.

(6) تفسير السعدي "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان"، ص222.

 

يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022