الثلاثاء

1446-08-12

|

2025-2-11

(سورة يوسف تُلتزم بالنظافة والأدب)

الحلقة: 18

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

ذو الحجة 1444ه/ يوليو 2023م

 

بقدر ما أن القصص القرآني قصص واقعيّ، ولكنه قصص نظيف لا يستطرد في عرض الفاحشة، فلا يعرضها لإثارة تلذذ القارئ أو السّامع بمشاعر الجنس المحرّفة، بل يذهب سريعاً إلى ما وراءها من العاقبة والعبرة.(1) فلحظة الجنس - منحرفة أو غير منحرفة – لا تستأهل الوقوف عندها بأكثر من مجرّد الذّكر؛ لأنّها عارض يعرض في الحياة ويمضي، يمضي ليفسح المجال لأهداف الحياة العليا الجديرة بالتحقيق.(2)

وإن من الشواهد على الالتزام بهذه النّظافة والبُعد عن الفاحشة، قوله جلّ جلاله في حقّ يوسف عليه السلام: ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)﴾ [يوسف: 23، 24]. وإننا نلاحظ في هذه الآيات كيف يعرض القرآن لحادثة الجنس، فهو يعرضها عرضاً نظيفاً نقياً وخالياً من الإسفاف وإثارة الكوامن الجنسيّة، لا كما تفعل القصّة البشرية حيث تجعل من قضايا الجنس بُطولةً بحدّ ذاتها، وتفخّمها وتهوّلها.

وكما أن من نظافة القصّة القرآنيّة أنّها لا تقف عند لحظة الضعف الجنسي، أمّا جانب التّصدي والصمود لهذا الضعف، فتقف عنده وقفة مناسبة وتسترسل شيئاً ما، فتقول في التصدّي لتلك المراودة: ﴿مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ [يوسف: 23] .(3)

 

مراجع الحلقة الثامنة عشر:

بعض المبادئ التربويّة المستنبطة من قصّة يوسف عليه السلام، ص 31.

2 بعض المبادئ التربوية، مرجع سابق، ص 31.

3 المصدر السابق نفسه، ص 32.

يمكنكم تحميل كتاب النبي الوزير يوسف الصديق عليه السلام

من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي

http://www.alsalabi.com/salabibooksOnePage/668


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022