الإثنين

1446-10-30

|

2025-4-28

العلاقة بين جعفر الصادق وزيد بن علي


من كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار (ج2):

الحلقة: 218

بقلم: د. علي محمد الصلابي

رمضان 1442 ه/ أبريل 2021

هو جعفر بن محمد بن علي ابن الشهيد أبي عبد الله ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسين بن علي بن أبي طالب، الإمام الصادق شيخ بني هاشم، أبو عبد الله القرشي، الهاشمي، العلوي المدني أحد الأعلام، ولد سنة ثمانين، ورأى بعض الصحابة مثل أنس بن مالك وسهل بن سعد.
وكان جعفر يثني على عمه زيد ويقدره، وكانت العلاقة بينهما طيبة، فلقد قال جعفر عن عمه كما يروي لنا عمر بن القاسم: قال: دخلت على جعفر الصادق وعنده ناس من الرافضة، فقلت: إنهم يبرؤون من عمِّك، فقال: برئ الله ممن تبرأ منه، كان والله أقرأنا لكتاب الله، وأفقهنا في دين الله، وأوصلنا للرحم، ما تركنا وفينا مثله.
وكان جعفر يجل عمه زيداً، ومما يدل على ذلك أنه كان يمسك له بالركاب ويسوي ثيابه على السرج. وكذلك كان مؤيداً لعمه في خروجه، واستأذنه في الخروج معه، فعندما أراد زيد الخروج إلى الكوفة من المدينة قال له جعفر: أنا معك يا عم، فقال زيد: أو ما علمت أن قائمنا لقاعدنا وقاعدنا لقائمنا، فإذا خرجت أنا وأنت فمن يخلفنا في حرمنا؟! فتخلف جعفر بأمر عمه زيد.
ولقد ذكر الطبري وابن الأثير: أن جماعة من الشيعة قبل خروج زيد مروا على جعفر الصادق فقالوا له: إن زيد بن علي فينا يبايع، أفترى لنا أن نبايعه؟ فقال لهم: نعم بايعوه، فهو والله أفضلنا وسيدنا وخيرنا. فجاؤوا فكتموا ما أمرهم به.
وكان جعفر يدعو لعمه بالنصر والتأييد؛ فعندما أراد يحيى اللحوق بأبيه زيد، قال له جعفر: أقرئه مني السلام، وقل له: إني أسأل الله أن ينصرك ويبقيك ولا يرينا فيك مكروهاً..
وبعد أن مضى زيد شهيداً إلى ربه وجاء الخبر إلى جعفر، قال: ذهب والله زيد بن علي كما ذهب علي والحسن والحسين وأصحابهم ـ شهيداً إلى الجنة. فقد كان جعفر وزيد بن علي على علاقة طيبة، وإن الذين فرقوا بينهما هم الشيعة الذين رفضوا زيداً وقالوا بالوصية خوفاً من لوم الناس لهم وعتابهم إياهم على مفارقتهم زيد.

أ ـ دفاعه عن جده أبي بكر الصديق والصحابة:

كانت حفيدة الصديق متزوجة من محمد الباقر الإمام الخامس عند الشيعة الإمامية، وكان جعفر بن محمد بن علي بن الحسين الذي يلقب بالصادق يقول: ولدني أبو بكر مرتين، فأمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، والقاسم بن محمد بن أبي بكر كان أحد فقهاء المدينة السبعة، تربى في حجر أم المؤمنين عائشة، أما أمها فهي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وكان جعفر يغضب من الشيعة الإمامية ويمقتهم إذا علم أنهم يتعرضون لجده أبي بكر، فكيف يرضى من يدَّعي محبة جعفر وآل البيت أن يلعن جد جعفر الصادق ؟!
فعن سالم بن أبي حفصة قال: سألت أبا جعفر وابنه جعفراً عن أبي بكر وعمر، فقال: يا سالم تولَّهما وابرأ من عدوهما، فإنهما كانا إماميْ هدى. ثم قال جعفر: يا سالم، أيَسُبُّ الرجل جدَّه؟! أبو بكر جدّي، لا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة إن لم أكن أتولاَّها وأبرأ من عدوهما.
وقال حفص بن عياش: سمعت جعفر بن محمد يقول: ما أرجو من شفاعة علي شيئاً إلا وأنا أرجو من شفاعة أبي بكر مثله. لقد ولدني مرتين.
وقد كانت العلاقات بين بيت أبي بكر وآل البيت قوية ومتلاحمة ومتداخلة فالقاسم بن محمد بن أبي بكر حفيد أبي بكر، وعلي بن الحسين بن علي بن أبي طالب حفيد علي بن أبي طالب كانا ابني خالة، فأم القاسم بن محمد وأم علي بن الحسين هما بنتي يزدجرد بن شهريار بن كسرى اللتين كانتا من سبايا الفرس في عهد عمر رضي الله عنه، وقد توسع إحسان إلهي ظهير في إثبات المصاهرات وعلاقات المودة والتراحم والاحترام المتبادل بين أهل البيت والصديق.
وسئل جعفر بن محمد عن أبي بكر وعمر فقال: إنك تسألني عن رجلين قد أكلا من ثمار الجنة. وحدثنا عمرو بن قيس المُلائي، سمعت جعفر بن محمد يقول: برئ الله ممن تبرأ من أبي بكر وعمر. قال الذهبي: وهذا القول متواتر عن جعفر الصادق، وأشهد بالله إنه لبار في قوله غير منافق لأحد.

ب ـ من لفتاته في مناسك الحج:

قال سفيان الثوري: قدمت مكة فإذا أنا بأبي عبد الله جعفر بن محمد قد أناخ بالأبطح، فقلت: يا بن رسول الله، لم جعل الموقف من وراء الحرم، ولم يُصيَّر في المشعر الحرام؟ فقال: الكعبة بيت الله والحرم حجابه، والموقف بابه، فلما قصده الوافدون، أوقفهم بالباب يتضرعون، فلما أذن لهم في الدخول أدناهم من الباب الثاني وهو المزدلفة، فلما نظر إلى كثرة تضرعهم وطول اجتهادهم رحمهم، فلما رحمهم أمرهم بتقريب قربانهم، فلما قربوا قربانهم، وقضوا تفثهم، وتطهَّروا من الذنوب التي كانت حجاباً بينه وبينهم، أمرهم بزيارة بيته على طهارة. قال: فلم كُرِه الصوم ـ أي: حرم الصوم ـ أيام التشريق، قال: لأنهم في ضيافة الله.

جـ من حكمه وأقواله:

قال جعفر الصادق: لا زاد أفضل من التقوى، ولا شيء أحسن من الصمت، ولا عدوَّ أضرُّ من الجهل، ولا داء أدوأُ من الكذب، وقال: لا يتم المعروف إلا بثلاثة: بتعجيله وتصغيره وستره. وقال: إياكم والخصومة في الدين، فإنها تشغل القلب وتورث النفاق. هذا وقد توفي سنة 148 هـ.




يمكنكم تحميل كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي:
الجزء الأول:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC9(1).pdf
الجزء الثاني:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC139.pdf
كما يمكنكم الاطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:
http://alsallabi.com 


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022