أسباب فشل ثورة زيد بن علي
من كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار (ج2):
الحلقة: 221
بقلم: د. علي محمد الصلابي
19 رمضان 1442 ه/ 1 مايو 2021
فشلت ثورة زيد لأسباب عديدة؛ منها:
1 ـ الجهاز الأمني عند الأمويين:
استطاع جهاز أمن الدولة الأموية أن يخترق التنظيم الثوري الذي كان يقوده زيد بن علي، فقد راقب رجال جهاز الأمن الأموي زيداً وتحركاته، وعرفوا الأماكن التي كان يختفي فيها وكثير من أعوانه، وعلموا بساعة الصفر المحددة للثورة، وهذا ما حمل زيداً على تقديم موعد الثورة والتعجيل بها قبل الموعد الذي جعله بينه وبين أهل الكوفة، وكان لهذا السبب أثر في ضعف الوسائل التي أريد بها تحقيق الخطط الموضوعة للثورة.
2 ـ خيانة الرافضة وخذلانهم لزيد:
تمّت البيعة لزيد والناس على علم بمعتقدات زيد وأهداف ثورته، إلا أن الرافضة طلبوا منه البراءة من الشيخين أبي بكر وعمر، وعندما امتنع عن ذلك تركوه، وكان الإعداد قد قطع مراحل متقدمة لإعلان الثورة، وانفض الشيعة الرافضة من حوله وهو في أشد الحاجة إليهم، وفي هذا درس كبير لمن يتحالف مع الشيعة الرافضة في الرخاء.
3 ـ خوف أهل الكوفة وجبنهم:
كانت للتدابير المشددة التي اتبعها يوسف بن عمر أثر بليغ في نفوس أهل الكوفة وتخاذلهم، فلما أراد يوسف بن عمر الحيلولة بين الناس وبين المشاركة في الثورة وأمرهم بالدخول إلى المسجد، اندفعوا إليه لا يبدون أي مقاومة لهذا الأمر، حتى يخيل للناظر أنهم رحبوا بالأمر لأنهم اعتبروه بمثابة عذر لهم عن التخلف، وعن المشاركة في القتال، يدل على هذا أن زيداً وأصحابه لما حرضوا الناس على الخروج من المسجد ومشوا لفك الحصار عنهم، لم يروا استجابة من الناس، وكثير من الناس ممن بايعوا نكثوا بيعتهم، فكان ذلك من أسباب فشل ثورة زيد.
4 ـ جند الشام:
كان جند الدولة النظامي من أهل الشام له وجوده بالعراق مُنذ عهد معاوية، وقد ساهم في القضاء على كثير من الثورات بالعراق، فلما ثار زيد بن علي بالكوفة هب الأمويون للقضاء على هذه الثورة بكل ما أوتوا من قوة، معتمدين بصورة رئيسية على الجند الشامي، بالإضافة إلى المرتزقة، وكان هشام يرسل نجدات عسكرية من الشام لتكون سنداً لجند أهل الشام، وكان للجيش الأموي الشامي الدور الحاسم في القضاء على تلك الثورة.
5 ـ العجلة التي حدثت للثورة:
يظهر للمتتبع لثورة زيد بأنه تعجل في إعلانها على الأمويين، وأدى هذا التعجل إلى قتله. ولما علم الزهري بمقتل زيد بكى وقال: أهلك أهل هذا البيت العجلة، فيفهم من ذلك أن الزهري كان يرى هناك عجلة في ثورة زيد، وأنه لم ينتظر حتى تنضج الحركة ولم يعطي الوقت حقه.
6 ـ دعوة بني العباس:
لعبت دعوة بني العباس دوراً مؤثراً سلبياً في الجهود التي بذلها زيد بن علي؛ فالمؤرخون يرون أن عام 100 هـ كان بداية لتأليف الجماعات السرية التي تدعو إلى بني العباس وتعمل للقضاء على دولة بني أمية؛ فقد توجه دعاة العباسيين بأمر محمد بن علي بن عبد الله بن العباس المتوفى عام 125 هـ إلى مختلف الأقطار يبثون الدعوة وينشرونها بين الناس. وقد لاقى الدعاة أقصى ضروب التعذيب والتنكيل من ولاة بني أمية، ولكن الدعاة استمروا في طريقهم واستطاعوا أن يجذبوا الكثير من المؤيدين بفضل براعتهم وخبرتهم بأحوال الناس، فكانوا يدورون كورة كورة وبلداً بلداً في زي التجار، وكانت الكوفة إحدى القواعد الرئيسية التي اعتمدوا عليها في نشر دعوتهم والتبشير بهـا، فكانت الكوفـة مسرحـاً لدعوتين تعملان في وقت واحـد، لكل منها دعاتها وأنصارها، وهاتان الدعوتـان وإن اختلفتـا في بعض أهدافهما إلا أنهما كانتا تهدفان إلى خلع بني أمية وبيعـة بني هاشم، وقـد أشارت سرعـة نجاح زيـد مخاوف العباسيين، وهذا ما حمل محمد بـن علي، على أن يطلب من بُـكيـر بن ماهـان وكان يتولى الدعوة في العراقييـن، أن يخـذل النـاس عن زيـد، حين قال لـه: أظلكم خروج رجـل من أهل بيتي بالكوفة يغتر في خروجه كما اغتر غيره، فيُقتل ضيعة ويصلب، فَحَذَّر الشيعة قبلكم أمره، وهكذا انصاع بُكيـر بن ماهان لأمر محمد بن علي، ورجع إلى الكوفة وأمر أصحابه بالخروج من الكوفة إلى الحيرة كي يحول بينهم وبين المساهمـة في القتال إلى جانب زيد بن علي، ولما قتل زيد بن علي عادوا إلى الكوفة. وكان هذا أحد أسباب تخلي بعض أهل الكوفة عن زيد.
7 ـ امتناع مجموعة من الشيعة الإمامية عن مناصرة زيد:
لا يخفى أن الشيعة الإمامية يعتقدون أن الإمامية في علي بن أبي طالب ومن بعده ابنه الحسن ثم الحسين فعلي بن الحسين، فمحمد بن علي، فجعفر الصادق بن محمد، فكان لهذا المعتقد أثره على الشيعة الإمامية بالكوفة، فعامة الشيعة ـ وكما يبدو ـ يعتقدون أنه إنما خرج داعياً للإمامية على الرغم من وجود ابن أخيه الصادق، مما أدى إلى عدم مشاركة غالبية الشيعة الإمامية في الثورة.
يمكنكم تحميل كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي:
الجزء الأول:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC9(1).pdf
الجزء الثاني:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC139.pdf
كما يمكنكم الاطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:
http://alsallabi.com