الأحد

1446-10-29

|

2025-4-27

فتوحات الجبهة الشرقية في عهد هشام بن عبد الملك

من كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار (ج2):

الحلقة: 225

بقلم: د. علي محمد الصلابي

شوال 1442 ه/ مايو 2021

1 ـ أرمينية:
كثر الغزو في أرمينية وبلاد اللان أيام هشام بن عبد الملك ، واشتهر من القادة: الحجاج بن عبد الملك ، والجراح بن عبد الله الحكمي ، ومسلمة بن عبد الملك ، وأشرس بن عبد الله السلمي ، والحارث بن عمرو الطائي ، وإسحاق بن مسلم العقيلي ، ومروان بن محمد ، فقد غزا الحجاج بن عبد الملك بلاد اللان ، فصالح أهلها أن يؤدوا الجزية ، إلا أنهم نقضوا العهد فغزاهم مسلمة بن عبد الملك من جهة باب الأبواب وهزمهم عام 110 هـ ، وسار الترك إلى أذربيجان فلقيهم الحارث بن عمرو عام 112 هـ ، فردهم على أعقابهم مهزومين ، وتحركوا من جهة بلاد اللان ، فلقيهم الجراح بن عبد الله الحكمي فيمن معه من أهل الشام وأذربيجان في العام نفسه ، واستشهد رحمه الله هو ومن معه من الجند بأردبيل ، وأخذ الترك مدينة أردبيل ، فوجه هشام بن عبد الملك أخاه مسلمة في شتاء بارد غزير المطر والثلوج ، فسار في أثرهم حتى تجاوز باب الأبواب ، فخلف عليها الحارث بن عمرو الطائي.
وعاد إليهم مسلمة في العام التالي 113 هـ ففرق جنده في أرضهم فقتلوا وسبوا ، وكان ممن قتلوا: ابن خاقان الترك ، فتأثر خاقان لما حلّ بابنه ، فتقدم إلى مسلمة إلا أنه هُزم سنة 114 هـ ، ورجع مسلمة عن الباب ، وعاد الترك إلى نقض العهد ، فأرسل إليهم مروان بن محمد بعثين عام 117 هـ ، الأمر الذي جعلهم يقرون بالجزية ، ولم يلبثوا أن نقضوا العهد فغزاهم عام 120 هـ إسحاق بن مسلم العقيلي ، ومروان بن محمد الذي افتتح بلاد السرير ، فدانت له وأدت الجزية عام 121 هـ ، وتوفي في ذلك العام مسلمة بن عبد الملك الذي دوخ الروم والترك.
2 ـ بلاد ما وراء النهر:
ما انقطع القتال في بلاد ما وراء النهر أيام هشام بن عبد الملك ، واشتهر من القادة: أسد بن عبد الله القسري ، ومسلم بن سعيد ، والجنيد بن عبد الرحمن ، وسعيد بن عمرو الحرثي ، ونصر بن سيار.
3 ـ بلاد السند:
حينما الت الخلافة إلى أمير المؤمنين هشام بن عبد الملك بن مروان نشطت حركة الجهاد في السند بهدف تثبيت الأوضاع فيها وإخضاع بعض الولايات الهندية المجاورة التي كانت من عوامل عدم استقرار الأوضاع في السند ، وكان من أشهر قادة المسلمين في بلاد السند: الجنيد بن عبد الرحمن المري ، فقد قام بإخضاع بلاد السند وإقليم كجرات من بلاد الهند بنجاح وسرعة ، وعادت الحياة إلى بلاد السند بالطمأنينة والأمن ، وكان ذلك عام 107 هـ. وبعد نقل الجنيد بن عبد الرحمن إلى خراسان تولى إمرة السند تميم بن زيد العتبي ، وكان ذلك سنة إحدى عشرة ومئة ولم يكن في كفاءة الجنيد ، فاضطربت أحوال البلاد وقامت الفتنة بين أهل السند والعرب وبين العرب أنفسهم ، ولما أوشكت البلاد على نشوب حرب داخلية قرر تميم مغادرة البلاد إلى العراق ، وقد مات بالطريق وعين خالد بن عبد الله القسري الحكم بن عوانة الكلبي سنة 112 هـ ، فأحيى الجهاد وسار سيرة حسنة في السند ، وكان من عوامل نجاحه اختياره عمرو بن محمد بن القاسم الثقفي ، وقد أسند إليه الحكم قيادة الجيش ، فتحرك عمرو بالجيش لإخماد الفتن ، فرجع من جولته منتصراً فاستقرت الأوضاع في السند ، ووصى أهلها بولاية الحكم.
ولقد بقي الحكم في إمارة السند حتى عام 122هـ؛ حيث خرج على رأس جيش لإخماد الفتن التي ثارت في بعض مناطق السند ، وفي صحبته عمرو بن محمد بن القاسم الثقفي ، فاستشهد الحكم وانتصر جيشه على الأعداء ، ثم تولى ولاية السند عمرو بن محمد بن القاسم ، فكان من أعماله بناء مدينة المنصورة لتكون حصناً للمسلمين عند أي هجوم من الأعداء ، وكانت لعمرو بن محمد أعمال مشكورة ، وتمتع بمحبة أهل السند لشهرة أبيه فاتح السند.
ومن الجدير بالملاحظة أن الفتوحات في العصر الأموي كانت تنشط عندما تقل المشاكل داخل الدولة الإسلامية ، فحينما ينشغل المسلمون بالجهاد والفتوح تقل المشاكل الداخلية ، وحينما يتوقفون عن الجهاد تظهر الفتن والقلاقل. ويُعد عصر معاوية عصراً زاهراً بالفتوح ، كما يُعد عصر الوليد بن عبد الملك العصر الذهبي للفتوح أيام الأمويين ، حيث فتحت مناطق جديدة في السند والأندلس وما وراء النهر.
ومن خلال مقارنة العصر الأموي بما سبقه أو لحقه من العصور نجد أنه لا مثيل له في سعة الفتوح ، سوى ما حدث في عصر الراشدين قبله ، أو في العصر العثماني في أزمان لاحقة؛ فهذه العصور الثلاثة هي عصور الفتوح والمد الإسلامي الرئيسية.

يمكنكم تحميل كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي:
الجزء الأول:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC9(1).pdf
الجزء الثاني:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC139.pdf
كما يمكنكم الاطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:
http://alsallabi.com 


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022