السبت

1446-06-27

|

2024-12-28

السؤال

أحب السماع للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على الموبيل، حيث أردد خلفها، وعندما أقوم لساني يردد الذكر، ويذكرنى به، فقال لى زميل: إن من يسمعها، ولم يردد خلفه سيصيبه دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم: (خاب وخسر من ذكرت عنده ولم يصلِ علي؟ فهل من لم يرددها يأخذ إثما؟

 

الجواب

الحمد لله.

أولاً:

وردت نصوص صريحة تذم تارك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند سماع اسمه، منها:

قوله صلى الله عليه وسلم:(رغِم أنفُ رجلٍ ذُكرتُ عنده فلم يصلِّ عليّ) الترمذي (3545) وصححه الألباني.

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (البخيل الذي من ذكرت عنده فلم يصل عليَّ) الترمذي (3546) وصححه الألباني.

ولا نعلم حديثاً بلفظ (خاب وخسر)، وأما حديث (من ذكرت عنده فلم يصل عليّ فقد شقي). لا يصح.

قال النووي رحمه الله في "الأذكار" (ص/155): إسناده ضعيف. وضعفه السخاوي في "القول لبديع" (ص/213)، والهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/140) وضعفه الألباني في "السلسلة الضعيفة" (5223).

ثانياً:

 الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره مستحبة، وفيها فضل عظيم وردت به لنصوص ومنها التي سبق ذكرها، ولكنها ليست واجبة عند جماهير أهل العلم، وإذا تكرر الذكر في المجلس الواحد فيكتفي بالصلاة عليه مرة واحدة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "‌والفقهاء ‌متنازعون ‌في ‌وجوب ‌الصلاة ‌على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة، وجمهورهم لا يوجبها" انتهى من "منهاج السنة النبوية" (4/595).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره: فإن جمهور أهل العلم يرون أنها مستحبة وليست بواجبة" انتهى من "فتاوى نور على الدرب للعثيمين" (6/2 بترقيم الشاملة).

وسئل رحمه الله: " أنا طالب في المعهد العلمي، ومدرس الحديث عندما يشرح الحديث يكثر من ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم، فهل يجب علينا أن نصلي عليه في كل مرة أم تكفي المرة الأولى؟

فأجاب:" وأما بالنسبة لمن يسمع ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، فيمن يكثر قراءة الحديث في المسجد أو في المدرسة أو في المعهد: فهذا إذا صلى عليه أول مرة كفى" انتهى من "فتاوى نور على الدرب للعثيمين" (6/2 بترقيم الشاملة).

ثالثاً:

سماع الأصوات المسجلة لا يأخذ حكم سماع الأصوات المباشرة، ولا يترتب عليها أحكام السماع المباشر من الشخص، إذ هو حكاية وتكرار، ولذا نص العلماء على أنّ من سمع الأذان المسجل لا يرد عليه، ومن استمع إلى التلاوة المسجلة لآية السجدة لا يسجد، ومن سمع الدعاء المسجل لا يؤمّن.

وكذلك سماع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، أو سماع اسمه الشريف المسجل في برامج الجوالات ونحوها.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن التأمين عند سماع الادعية المسجلة في المذياع أو التلفاز؟ فأجابت:

"الدعاء والتأمين عليه عبادة، والمشروع هو التأمين على دعاء الداعي الحاضر، أما الدعاء المسجل على الأشرطة فلا يشرع التأمين عليه؛ لأنه ليس هناك شخص يدعو له على الحقيقة" انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (24/256) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه عن الجواب على الأذان خلف الأذان المسجل فأجاب: "

إذا كان الأذان مسجلا، وليس أذانا على الوقت، فإنه لا يجيبه؛ لأن هذا ليس أذانا حقيقيا، أي أن الرجل لم يرفعه حين أمر برفعه وإنما هو شيء مسموع لأذان سابق. وإن كان لنا تحفظ على كلمة: يرفع الأذان، ولذا نرى أن يقال أذن فلان، لا رفعَ الأذان " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (12/196).

وعليه؛ فإنّه لا يجب عليك الصلاة على النبي عند سماعك التذكير من الجوال، ولا إثم في ذلك، وحال تيسر لك أن تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وتردد خلفه فذلك حسن، وفيه فضل وأجر عظيم؛ فإن فضيلة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم متعلقة بقولك، وسواء صليت عليه ابتداء، أو ذكر عندك فصليت عليه، فصلاة المصلي عليه مشروعة بكل حال؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وسلم تسليما كثيرا.

والله أعلم


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022