بداية المملكة القوية لبني إسرائيل
مختارات من كتاب الأنبياء الملوك(عليهم السلام)
بقلم: د. علي محمد الصلابي
الحلقة (19)
هي المملكة القوية والراشدة والغنية التي تولّى حكمها الملك طالوت، ثم النبي داوود، ثم ابنه النبي الملك سليمان (عليهم السلام).
وقد أسسها النبي الذي ذكره الله في القصة: ﴿إذْ قاَلُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ﴾. وتذكر قصص التاريخ أن اسمه "صمويل" الذي أقام لأسباط بني إسرائيل -تلبية لطلبهم- أول ملك قادهم للقتال في سبيل الله، وكان هذا الملك هو طالوت الذي اصطفاه الله على لسان نبيه، وزاده بسطة في العلم والجسم. ثم جاء بعده النبي الملك العابد المجاهد داوود (عليه السلام).
وبعد أن تولي داوود (عليه السلام) الملك عمل على توحيد مملكته، والتوسع في بنائها على أسس العدل والمساواة، وإقامة الحق بين الناس.
لقد نزع الله تعالى ملك جالوت الظالم، ومكن لداوود (عليه السلام) الصالح المصلح؛ قال تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [آل عمران: 26].
وإن من أعظم ما تدل عليه الآية الكريمة من وجوه النفع العظيم= نزع الله تعالى الملك ممن آتاه إياه بعد أن ظلم وجار، وذلك حتى لا تخلد النفوس الظالمة الجائرة في وهم الأمان من هذا النزع، بعدما صاروا في غيبوبة سكر الملك أو السلطان الجائر. وكذلك في هذا بشارات للمظلومين، وأنه تعالى ناصرهم على من ظلمهم وتجبر عليهم، وأن عليهم الأخذ بأسباب دفع الظلم عنهم والصبر على هذا، والمصابرة أثناء دفع الظالم ليزول عنهم ظلمه.
وضع الجوائز لمن يقوم بالعمل العظيم:
قال الإمام القرطبي: وفي قول طالوت: من يبرز له –أي لجالوت– ويقتله فإني أزوجه ابنتي وأحكّمه في مالي، معناه ثابت في شرعنا، وهو أن يقول الإمام: من جاء برأس –أي برأس كافر في الحرب– أو أسير فله كذا.
وعلى هذا؛ يجوز لولاة الأمور وضع الجوائز المادية والمعنوية لمن يقوم بأعمال مشروعة عظيمة تنفع المسلمين، وسواء كان ذلك في حالة السلم أو الحرب.
مراجع الحلقة:
- علي محمد محمد الصلابي، الأنبياء الملوك، الطبعة الأولى، دار ابن كثير، 2023، ص 102-105.
- إبراهيم المبارك، سنن التمكين وأثرها على السياسة الشرعية، دار اليسر، ط1، 2017م، ص150.
- عبد الكريم زيدان، المستفاد من قصص القرآن للدعوة والدعاة، مؤسسة الرسالة، ط1، 1419ه - 1998م، ص