وراثة سليمان لداوود (عليهما السلام) في النبوة والملك
مختارات من كتاب الأنبياء الملوك (عليهم السلام)
بقلم: د. علي محمد الصلابي ...
الحلقة (51)
قال تعالى: ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ﴾:
وورث سليمان داوود (عليه السلام) في النبوة والرسالة فهو نبي رسول مثله عليهما الصلاة والسلام.
وورثه في الملك والخلافة حيث ولي أمر بني إسرائيل من بعده ولم يرثه في الأموال والممتلكات، لأن من سنة الله في حق الأنبياء أنهم لا يورثون (عليه السلام) فلا يأخذ أولادهم وورثتهم شيئاً مما خلّفوه وراءهم، فإن تركوا أمولاً أو ممتلكات فهي صدقة ينفقها ورثتهم، أو أولو الأمر من بعدهم في سبيل الله.
دليل ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنهما أن أزواج النبي ﷺ حين توفي رسول الله ﷺ أردن أن يبعثن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهن. فقالت لهن عائشة: أليس قال رسول الله ﷺ: «لا نُورَّث، ما تركنا صدقة».
قال الإمام ابن كثير عن وراثة سليمان لداوود عليهما السلام، وعن هذه السنة في شأن الأنبياء: قال الله تعالى: ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ﴾ [النمل: 16]. أي: ورثه في النبوة والملك. وليس المراد وراثة المال؛ لأنه قد كان له بنون غيره، فما كان ليخص بالمال دونهم. ولأنه قد ثبت في "الصحاح" من غير وجه، عن جماعة من الصحابة، أن رسول الله ﷺ، قال: «لا نُوَرَّث، ما تركنا فهو صدقة» وفي لفظ: «إنا معاشر الأنبياء لا نُوَرَّث». فأخبر الصادق المصدوق أن الأنبياء لا تورَّث أموالهم عنهم كما يورَّث غيرهم، بل تكون أموالهم صدقة من بعدهم على الفقراء والمحاويج، لا يخصون بها أقرباءهم؛ لأن الدنيا كانت أهون عليهم وأحقر عندهم من ذلك، كما هي عند الذي أرسلهم واصطفاهم وفضلهم.
لقد ورث سليمان عن داوود (عليهما السلام) خلافة إيمانية ودولة قوية، ومملكة متقدمة متكاملة، فحافظ عليها وقواها ووسع رقعتها، وضم لها بقاعاً أخرى، وطبّق فيها شرع الله، وأسعد الناس، وسار بهم في طريق مرضاة الله.
وبلغت المملكة الإسرائيلية في عهد داوود ثم سليمان عليهما السلام الذروة والأوج والقمة.
مراجع الحلقة:
- الأنبياء الملوك، علي محمد محمد الصلابي، الطبعة الأولى، دار ابن كثير، 2023، ص 231-233.
لمزيد من الاطلاع ومراجعة المصادر للمقال انظر:
كتاب الأنبياء الملوك في الموقع الرسمي للشيخ الدكتور علي محمد الصلابي
