إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.
والعبادة الشاملة المطلوبة هي ألا تتقدم بين يدي الله ورسوله (ﷺ) بقول أو فعل تفعله من عند نفسك، قبل أن تعلم حكم الله وحكم الرسول (ﷺ) فيه، قال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم *﴾ [الحجرات: 1]، فمن العبادة المتابعة التامة لكل ما جاء عن النبي (ﷺ) من الأقوال والأفعال، مع الإخلاص في ذلك لله رب العالمين.
لابد للجنة من إيمان وعمل صالح، فمن كان عنده هذان الشرطان استحق -بعد رحمة الله- الجنة
ولابد لدخول الجنة من عمل، فالعمل ركن من أركان الإيمان، وقد نص الله تعالى في مواضع كثيرة أن العمل سبب لدخول الجنان، كما قال تعالى: ﴿وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون *﴾ [الزخرف: 72] وقال تعالى: ﴿ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون *﴾ [الأعراف: 43].
ولابد للجنة من إيمان وعمل صالح، فمن كان عنده هذان الشرطان استحق -بعد رحمة الله- الجنة، قال تعالى: ﴿أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون*﴾ [البقرة: 82] وقال تعالى: ﴿إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون *أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون *﴾ [الأحقاف: 13 ـ 14].
وقد فصل لنا الله تعالى بعض أنواع الأعمال الصالحة، فمن ذلك:
- التوبة: قال تعالى: ﴿فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا *إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا *﴾ [مريم: 59 ـ 60] .
- تزكية النفس: قال تعالى: ﴿جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى *﴾ [طـه: 76] .
- التقوى: قال تعالى: ﴿تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا *﴾ [مريم: 63] .
- الصبر في البأساء والضراء: قال تعالى: ﴿أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب *﴾ [البقرة: 214]
قيام الليل: قال تعالى: ﴿تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما﴾ [السجدة: 16ـ17]
- الجهاد في سبيل الله: قال تعالى: ﴿أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين﴾ [آل عمران: 142] وقال تعالى: ﴿ياأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم *تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون *يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم﴾ [الصف: 10ـ12].
- الشهادة: قال تعالى: ﴿والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم * سيهديهم ويصلح بالهم * ويدخلهم الجنة عرفها لهم﴾ [محمد: 4ـ6].
- الابتعاد عن الكبائر: قال تعالى: ﴿إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما﴾ [النساء: 31].
- إقام الصلاة والإنفاق في سبيله تعالى: قال تعالى: ﴿والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرأون بالحسنة السيئة أولئك﴾ [الرعد: 22ـ24].
- التوكل على الله: قال تعالى: ﴿والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين *الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون﴾ [العنكبوت: 58ـ59].
- قيام الليل: قال تعالى: ﴿تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما﴾ [السجدة: 16ـ17] وقال تعالى: ﴿إن المتقين في جنات وعيون * آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين﴾ [الذاريات: 15‑19].
- خوف الله: قال تعالى: ﴿وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى *فإن الجنة هي المأوى﴾ [النازعات: 40ـ41] .
وهـذه بعض الآيات التي جمعت الكثير من الأعمال الصالحة:
من سورة المؤمنون: قال تعالى: ﴿قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون * والذين هم عن اللغو معرضون * والذين هم للزكاة فاعلون * والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون * والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون * والذين هم على صلواتهم يحافظون * أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون﴾.
من سورة التوبة: قال تعالى: ﴿إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم * التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين﴾.
كل طاعة لله ورسوله (ﷺ) هي من الأعمال الصالحة، وهي سبب لدخول الجنة، قال تعالى: ﴿…ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذابا أليما﴾ [الفتح: 17]
من سورة آل عمران: قال تعالى: ﴿وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين *الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين * والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون * أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين﴾.
وعموما فكل طاعة لله ورسوله (ﷺ) هي من الأعمال الصالحة، وهي سبب لدخول الجنة، قال تعالى: ﴿ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذابا أليما﴾ [الفتح: 17]، وهـذا في القرآن كثير، ومداره على ثلاث قواعد: إيمان، وتقوى، وعمل خالص لله على موافقة السنة، فأهل هـذه الأصول الثلاثة هم أهل البشرى دون من عداهم من سائر الخلق، وعليها دارت بشارات القرآن والسنة، وجميعها تجتمع في أصلين: إخلاص في الطاعة، وإحسان إلى الخلق.
وأما الأعمال التي هي تفاصيل هـذا الأصل، فهي بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إلـه إلا الله، أدناها إماطة الأذى عن الطريق، وبين هاتين الشعبتين سائر الشعب التي مرجعها تصديق الرسول (ﷺ) في كل ما أخبر، وطاعته في جميع ما أمر استحبابا وإيجابا.
وأما الأعمال التي هي سبب لدخول الجنة الواردة في السنة، فالأحاديث فيها أكثر من أن تحصر.