الأربعاء

1446-11-02

|

2025-4-30

﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ..

مختارات من كتاب الأنبياء الملوك (عليهم السلام)

بقلم د. علي محمد الصلابي ...

الحلقة (64)

 

﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾: وهذا الكتاب مختصر اختصاراً مفيداً، وهو أشبه ما يكون ببرقية موجزة، على قوم سبأ في كلمات وافية جامعة فصيحة وواضحة.

وقد بدأ سليمان كتابه بالبسملة، وهذا يدل على أن البسملة كانت معروفة في عهد سليمان النبي الرسول (عليه السلام)، وهي معروفة عندهم بلغتهم، وكتبها سليمان (عليه السلام)، ربّما بلغتهم، أو بلغته ثم ترجمت.

ويحتمل أن تكون عارفة بالعبرانية، ويحتمل أن يكون الكتاب مكتوباً بالعربية القحطانية، فإن عظمة ملك سليمان لا تخلو من كتّاب عارفين بلغات الأمم المجاورة لمملكته، وكونه بلغته أظهر وأنسب بشعار الملوك، وقد كتب النبي ﷺ باللغة العربية. وأما الكلام المذكور في هذه الآية فهو ترجمة الكتاب في اللغة العربية الفصحى يتضمن دقائقه وخصوصيات اللغة التي أنشئ بها.

إن من القيم التي تضمنتها البسملةُ في قصة نبي الله سليمان (عليه السلام) قيمة الإيمان بوجود الله عز وجل، وإثبات بعض صفاته، وبيان قيمة تعظيم الله بمقتضى صفاته وأسمائه الحسنى، بأنه عز وجل رحمن رحيم، وتحرير الإنسان من العبودية لغير الله أو الخضوع لسواه، كما تظهر محبة الله تعالى وتعظيمه بمقتضى أسمائه الحسنى وصفاته العلى، وتخليص النفس من سيطرة الغير والخوف منه، فلا نافع إلا الله، ولا ضرر إلا بإرادة الله سبحانه وتعالى.

ومما يلاحظ في خطاب نبي الله سليمان لملكة سبأ أنه (عليه السلام) قدم اسمه على اسم الله عز وجل: ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾.

ويدل ذلك على قيمة الذكاء وأن سليمان (عليه السلام) كان ذكياً، صاحب حكمة فعرف أنها لا تعرف الله تعالى، وتعرف سليمان، فخاف أن تستخف باسم الله تعالى إذا ما وقع نظرها عليه، فجعل اسمه وقاية لاسم الله، تعظيماً لله عز وجل.

- وفيها أيضاً إشارة إلى أن أفضل أنواع البسملة وأفضله ما ذكره الله تعالى في كتابه: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾.

في كل أمر له أهمية، وكل مؤلف له أهمية وله قيمة، وكل رسالة. وعلى هذا فالذين لا يبدؤون مؤلَّفاتهم ورسائلهم بـ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ هؤلاء تركوا السنة النبوية والاقتداء بكتاب الله عز وجل، وربما سبب ذلك أن كتبهم هذه ورسائلهم ليس فيها بركة، وليس فيها فائدة، لأنها خلت من: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ فإنها منزوعة الفائدة.

إن سليمان كتب كتاباً موجزاً جامعاً قاطعاً حازماً جاء في مقدمته: (بسم الله الرحمن الرحيم)؛ لتبقى رسالة خالدة على مر العصور، ليبين لهم من الوهلة الأولى أن إله سليمان هو الواحد الأحد الرحمن الرحيم.

 

مراجع الحلقة:

- الأنبياء الملوك، علي محمد محمد الصلابي، الطبعة الأولى، دار ابن كثير، 2023، ص 281-284.

- المضامين التربوية المستنبطة من قصة سليمان، فؤاد سالم، ص65.

- التحرير والتنوير، ابن عاشور، (8/466).

- القيم التربوية في قصة نبي الله سليمان، سمر محمد، ص38.

- القيم التربوية في قصة نبي الله سليمان، محمد بن عبدالرحمن المباركفوري، ص40.

 

لمزيد من الاطلاع ومراجعة المصادر للمقال انظر:

كتاب الأنبياء الملوك في الموقع الرسمي للشيخ الدكتور علي محمد الصلابي:

https://www.alsalabi.com/salabibooksOnePage/689


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022