الخميس

1446-11-03

|

2025-5-1

تحريف أحبار اليهود للتوراة

مختارات من كتاب الأنبياء الملوك (عليهم السلام)

بقلم: د. علي محمد الصلابي

الحلقة (107)

 

حكم موسى (عليه السلام) قومه بالتوراة، وأمر أحبارهم بحفظ التوراة والمحافظة عليها، لكنهم لم ينفذوا هذا الأمر ولم يحفظوها، بل ضيعوها بعد ذلك بفترة من الزمن. وقد بين الله ذلك في كتابه، قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: 44].

لقد قام بعض أحبار اليهود بتحريف التوراة، ولم ينفذوا أمر الله الذي استحفظهم على كتاب التوراة، أي: طلب منهم أن يحفظوا التوراة، ولكنهم بعد فترة من الزمان ومرور أجيال من الناس حرفها بعض الأحبار، وبدلوها وزادوا فيها وأنقصوا منها، واشتروا بها ثمناً قليلا،ً وقد أفرد الدكتور الخالدي دراسة قيمة في هذه المواضيع:

- حديث القرآن عن التوراة.

- جذور الإرهاب اليهودي في أسفار العهد القديم.

- سفر التكوين في ميزان القرآن الحكيم. ومن أراد التوسع فليرجع إليها.

وكذلك الدكتور عبد الرزاق عبد المجيد في كتابه (مصادر النصرانية دراسة ونقد)، فقد أفاد وأجاد فيما يتعلق بالتعريف بالعهد القديم، وبيان أقسامه وأسفاره عند البروتستانت، والتوراة وأسفار موسى الخمسة: التكوين، والخروج، واللويين، والعدد والتثنية. وكذلك تقسيمها عند الكاثوليك وعند الأرثوذوكس، وعن طبيعة ارتباط النصارى بالعهد القديم.

وقام الدكتور عبد الرزاق بدراسة نقدية في تاريخ العهد القديم، وتحقيق نسبته إلى كُتّابه، ووَضَع الأسفار الخمسة المنسوبة إلى موسى (عليه السلام) في ميزان الدراسة النقدية العلمية، وذَكَر في كتابه شهادات غير المسلمين؛ من اليهود والنصارى الذين بيّنوا بأن موسى (عليه السلام) ليس مؤلف الأسفار الخمسة المنسوبة إليه. وبعد بحث معمّق طويل قال الدكتور عبد الرزاق عبد المجيد: وعلى ضوء ما تقدّم من اعترافات يهودية ونصرانية نستنتج ما يلي:

- أنّ الأسفار الخمسة المنسوبة إلى نبيّ الله موسى، لم يكتبها هو، ولا أمر بكتابتها، ولم تُكتَب في حياته، وإنما كُتبت بعده بزمن طويل جداً، يترجح أن يكون ذلك بعد عودة اليهود من السبي البابلي.

- أنّ الرأي الغالب -سواء في الأوساط اليهودية أو النصرانية- أنّ (عزرا) الكاتب هو الذي أعاد لهم كتابة الأسفار المقدسة بعد الأسر البابلي. وهناك رأي أقل شهرة، يقول بأنّ غاية ما عمله (عزرا) هو جمع الروايات الموجودة عند كُتّاب متعددين ونسخها دون فحص أو ترتيب، وأنه حتى مجرد هذا (الجمع والنسخ) لم يكمله. أما لماذا لم يكمله؟ وإلى أين وصل فيه؟ ومن الذي نهض بالعمل بعده؟ وهل هو في مستواه نفسه؟ كل هذه أسئلة ما تزال الإجابة عنها محاطة بالغموض والحيرة.

ويتضح أن هناك اتفاقا بين جميع الطوائف المعنية، وهو أن نسبة هذه الأسفار الخمسة كلها لموسى ليست صحيحة، ولا تساندها الأدلّة التاريخية والعلمية، وإنما الخلاف في تعيين الجزء الثالث بنسبته إليه، أهو كلّ هذه الأسفار أم بعضها؟

مراجع الحلقة:

- الأنبياء الملوك، علي محمد محمد الصلابي، الطبعة الأولى، دار ابن كثير، 2023، ص 499-502.

- مصادر النصرانية دراسة ونقداً (2/170).

لمزيد من الاطلاع ومراجعة المصادر للمقال انظر:

كتاب الأنبياء الملوك في الموقع الرسمي للشيخ الدكتور علي محمد الصلابي:

https://www.alsalabi.com/salabibooksOnePage/689

#القرآن_الكريم

#علي_الصلابي


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022