الأحد

1446-11-20

|

2025-5-18

إضاءة حول كتاب

"السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث"

المؤلف: د. علي محمد الصّلابيّ

صحيفة العرب القطرية

 

إنَّ دراسة الهدي النبوي لها أهمِّيَّتها لكلِّ مسلمٍ، فهي تحقِّق عدَّة أهدافٍ؛ من أهمِّها: الاقتداء برسول الله ﷺ من خلال معرفة شخصيَّته ﷺ، وأعماله، وأقواله، وتقريراته، وتكسب المسلم محبَّة الرَّسول ﷺ، وتُنمِّيها، وتُباركها، وتعرفه بحياة الصَّحابة الكرام، الذين جاهدوا مع رسول الله ﷺ، فتدعوه تلك الدِّراسة لمحبَّتهم، والسَّير على نهجهم، واتباع سبيلهم، كما أنَّ السِّيرة النَّبويَّة توضح للمسلم حياة الرسول ﷺ بدقائقها، وتفاصيلها منذ ولادته؛ وحتى موته، مروراً بطفولته، وشبابه، ودعوته، وجهاده، وصبره، وانتصاره على عدوِّه وتُظهِر بوضوحٍ: أنَّه كان زَوْجاً، وأباً، وقائداً، ومحارباً، وحاكماً، وسياسيا، ومُرَبِّياً، وداعيةً، وزاهداً، وقاضياً، وعلى هذا فكلُّ مسلم يجد بُغيته فيها.

انتهيت من تأليف كتابي: "السيرة النبوية: عرض وقائع وتحليل أحداث... دروس وعِبر" عام 1422ه/ 2001م، وبلغت عدد صفحاته نحو 1200 صفحة، وتم طباعته أكثر من 10 طبعات حتى الىن، كما تُرجم لأكثر اللغات العالمية المعروفة من الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والروسية والهندية والبنغالية والفارسية والتركية.

والكتاب هو تقصٍّ لأحداث السِّيرة الشريفة لخير خلق الله؛ تحدثت فيه عن أحوال العالم قبل البعثة، والحضارات السَّائدة، والأحوال السياسية، والاقتصاديَّة، والاجتماعيَّة، والخلقيَّة في زمن البعثة، وعن الأحداث المهمَّة قبل المولد النَّبويِّ، وعن نزول الوحي، ومراحل الدَّعوة، والبناء التَّصوُّريِّ، والأخلاقيِّ، والتَّعبُّديِّ في العهد المكِّيِّ، وعن أساليب المشركين في محاربة الدَّعوة، وعن الهجرة إلى الحبشة، ومحنة الطَّائف، ومنحة الإسراء والمعراج، والطَّواف على القبائل، ومواكب الخير، وطلائع النُّور من أهل يثرب، والهجرة النبوية.

ويقف الكتاب بالقارئ على الأحداث، مستخرجاً منها الدُّروس، والعبر، والفوائد؛ لكي يستفيد منها المسلمون في عالمنا المعاصر. وتحدَّثت عن حياة النَّبيِّ ﷺ، منذ دخوله المدينة إلى وفاته، وبَيَّن فقه النَّبيِّ ﷺ في إرساء دعائم المجتمع، وتربيته، ووسائله في بناء الدَّولة، ومحاربة أعدائها في الدَّاخل، والخارج، فيقف الباحث على فقه النَّبيِّ ﷺ في سياسة المجتمع، ومعاهدته مع أهل الكتاب التي سُجِّلت في الوثيقة، وحركته الجهادية، ومعالجته الاقتصادية، والارتقاء بالمسلم نحو مفاهيم هذا الدِّين؛ الَّذي جاء لإنقاذ البشرية من دياجير الظَّلام، وعبادة الأوثان، وانحرافها عن شريعة الحكيم المتعال.

ويسلط الكتاب الضوء على البُعد القرآنيِّ، الَّذي له علاقةٌ بالسِّيرة النبويَّة، كغزوة بدر، وأحد، والأحزاب، وبني النَّضير، وصلح الحديبية، وغزوة تبوك، فبيَّن الباحث الدُّروس، والعبر، وسنن الله في النَّصر، والهزيمة، وكيف عالج القرآن الكريم أمراض النُّفوس من خلال الأحداث والوقائع.

عشت سنين من عمري في البحث في القرآن الكريم، والسِّيرة النَّبويَّة، فكانت من أفضل أيَّام حياتي، فنسيت أثناء البحث غربتي، وهجرتي، وتفاعلت مع الدُّرر، والكنوز، والنفائس الموجودة في بطون المراجع والمصادر، فعملت على جمعها، وترتيبها، وتنسيقها وتنظيمها، حتى تكون في متناول أبناء أُمَّتي العظيمة. كما أن هذا الكتاب حصيلةً علميَّةً، وأفكاراً عمليَّة جُمِعت من مئات المراجع، والمصادر، وقد أسهم في إخراج هذا الجهد إخوةٌ كثيرون من ليبيا، واليمن، والعراق، ومصر، والسُّودان، والسُّعودية، والإمارات، وقطر، وبلاد الشام بالحوار، والنقاش، والنَّدوات.

إنَّ السِّيرة النَّبويَّة غنيَّةٌ في كلِّ جانبٍ من الجوانب التي تحتاج إليها مسيرة الدَّعوة الإسلاميَّة، فالنَّبيُّ ﷺ لم يلتحق بالرَّفيق الأعلى إلا بعد أن ترك سوابق كثيرةً لمن يريد أن يقتدي به في الدَّعوة، والتَّربية، والثَّقافة، والتَّعليم، والجهاد، وكلِّ شؤون الحياة، كما أنَّ التعمُّق في سيرة الرَّسول ﷺ يساعد القارئ على التَّعرُّف على الرَّصيد الخلقيِّ الكبير؛ الذي تميَّزَ به رسول الله ﷺ عن كلِّ البشر، والتَّعرُّف على صفاته الحميدة ﷺ الَّتي عاش بها في دنيا النَّاس. ​

إنَّ السِّيرة النَّبويَّة تُعطي كلَّ جيلٍ ما يفيده في مسيرة الحياة، وهي صالحةٌ لكلِّ زمانٍ، ومكانٍ، ومُصلحةٌ كذلك، وإنَّ دراسة الهدي النبويِّ في تربية الأمَّة، وإقامة الدَّولة، يساعد العلماء والقادة والفقهاء والحكام والعائلات على معرفة الطريق إلى عزِّ الإسلام والمسلمين، وإن التمكين لأمة الإسلام منوطٌ بمتابعة الهدي النَّبويِّ. قال تعالى: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ ﴾ [النور: 54].


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022