الأربعاء

1446-11-02

|

2025-4-30

إضاءة في كتاب

الإيمان بالملائكة

د. علي محمد الصلابي

الملائكةُ المقرّبون هم أصحابُ الدعاء العظيم لأهلِ الإيمانِ الذي ذكره الله لنا في كتابه قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [غافر: 7‑9

فهذا الدعاءُ من الملائكة المقرّبين لأهل الإيمان من بني الإنسان والذي تقشعرُّ منه الأبدان يحتاجُ لتأملٍ وتفكرٍ وتدبرٍ وعلى المسلمين أن يجِّدُدوا علاقتَهم الإيمانيةَ بالملائكةِ فالكثيرُ منّا أصابَه ضعفٌ وفتورٌ وربّما النسيان في علاقته بالملائكة وهذا مِنْ وساوسِ إبليسِ وطرقهِ الخبيثةِ لكي يجعلَ الناسَ يلهثون خلفَ الشياطين والسحرة الخ ويتركوا مَنْ جعلهم الله سبباً في حمايتهم من المخلوقات الشريرة وغير المنظورة قال تعالى: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ﴾ [الرعد: 11]

هذا الكتابُ هو ضمن سلسلة أركان الإيمان التي بدأتها بكتاب "الإيمان بالله"، وكتاب الإيمان بالملائكة، يهتمُّ بالمعرفةِ التفصيليةِ بالملائكة لأنّها ترسِّخُ الإيمانَ به تعّمقه وتجدّدُ المحبةَ والمودةَ والصُّحبةَ مع عبادِ الله الأبرار الذين لا يَعْصُوْنَ الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون والذين يربطنا بهم تحقيقُ العبودية الخالصة لخالقنا العظيم جلّ في علاه.

هذا وقد قمتُ بتقسيم هذا الكتاب إلى فصول:

 الفصل الأول يتحدّث عن تعريف الملائكة وحقيقتهم ومادّة خلقهم ومنزلة الإيمان بهم وهل كان إبليسُ من الملائكة؟

 وفي الفصل الثاني تكلّمتُ فيه عن صفاتهم الخَلقية والخُلقية والتي من أهمها عِظَمُ خلقهم وضخامة أجسامهم وقوتهم وعظم سرعتهم ووصف أجنحتهم وعدم حاجتهم للأكل والشرب وكونهم لا يوصفون بالذكورة والأنوثة وكلامُهم وجمالهُم وقدراتهم الخارقة وكونهم لا يملّون ولا يتعبون من عبادة الله وطاعته وتنفيذ أوامره وكان الحديثُ عن قدرتهم على التمثّل والتشكّل وأخلاقهم الكريمة كالبر والتواضع وعدم التكبر والحياء والنظام ويحبون من أحبَّه الله ويبغضون من أبغضه الله.

 وفي الفصل الثالث أشرت إلى عددهم وأسمائهم فبيّنتُ الأسماءَ العامة لهم كالأشهاد والملأ الأعلى والجنود والسفرة والرسل والأسماء الخاصة كجبريل والروح الأمين وروح القدس وميكائيل وإسرافيل ومالك خازن النار وملك الموت ومنكر ونكير وهاروت وماروت ووضّحتُ الأسماء المنسوبة للملائكة التي لم تصحَّ تسميةُ الملائكة بها كعزرائيل ووقفتُ مع موت الملائكة؛ هل تموتُ أم لا؟ وهل يمكن رؤيتهم أم أنها مستحيلة؟

وأما الفصل الرابع، أفردتُه لبيان عبادة الملائكةِ فكان الحديثُ عن إيمانهم بالله عز وجل وشهادتهم بالتوحيد وتسبيحُهم الله عز وجل ودعاءهم للمؤمنين وعن ولاءِ الملائكة للمؤمنين وبراءتهم من أهل الكبائر والمعاصي وبغضِهم لأئمة الكفر وخوِفهم من الله وخشيتهم له وحضورِ مجالسِ الذكر وخطبة يوم الجمعة و حضورهم الصلوات في المساجد وقولهم ما يقول المأمومُ وصلاة الملائكة وقيامهم وركوعهم وسجودهم وسلامهم كقوله تعالى : ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ۝ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾ [الرعد: 23-24]

 وفي الفصل الخامس فصّلتُ فيـه أعمـال الملائكة المتـعلقة ببني الإنسان من نفخ الأرواح في الأجنة، ومراقبة الإنسان وكتابة أعماله وإحصاؤه عليه قال تعالى: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ۝ كِرَامًا كَاتِبِينَ ۝ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الانفطار:10‑12]

وقال تعالى: ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ [الزخرف: 80]

ومن أعمال الملائكة كتابة كِّل ما يصدرُ ُعن الإنسان من أقوال وأعمال ظاهرة وباطنة كتابةً تفصيليةً لا إجمالية قال تعالى:﴿وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ ۝ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ﴾ [القمر: 52-53]

 ومن أعمالهم حفظُ بني الإنسان وملازمته ودعوته للخير والسفارة بين الله وبين عباده وتثبيت المؤمنين وقتالهم معهم وقبض الأرواح عند الموت وسؤال الميت في قبره ثم تنعيمه أو تعذيبه بعد إعادة الروح إلى الجسد ونفخهم في الصور وقيامهم برعاية أهل الجنة ونعيمهم وخزنة النار.

 وأما أعمال الملائكة المتعلّقة بالكون فمنهم حملةُ العرش والموكلون بالسحاب والقطر وملك الجبال وغيرها من الأعمال كإهلاك الأمم المكذبة وتبليغ النبيِّ (ﷺ) بسلام أمته.

وفي الفصل السادس كان الحديثُ عن مكايد الشيطان في مسائل الإيمان بالملائكة كإنكارهم وعبادتهم وتقديسهم.

وفي الفصل السابع تكلّمتُ عن المفاضلة بين الملائكة والبشر وحقوقِ الملائكةِ على بني آدم.

وفي الفصل الثامن تحدثت عن وأثرِ الإيمانِ بالملائكة في حياة الإنسان، والتي من أهمها:

  • تقويةُ شعورِ المسلم بعظمة الله عز وجل: فالملائكة كما يتّضح من صفاتهم ووظائفهم خلقٌ عظيم في القدرة عظيمُ في السرعة عظيمُ في الطاعة
  • الحصولَ على الأمن والطمأنينة والحياة الطيبة في الدنيا والآخرة، متوقفةٌ على تحقيق الإيمان ومن ذلك الإيمان بالملائكة عليهم السلام قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الأنعام: 82]

وأينما كنتَ وأينما توجهتُ في برٍ وبحرٍ وأرضٍ وسماءٍ، فإنَّ معكَ ملائكةٌ لا يفارقونك أبداً، فليحرصِ العبدُ على تحقيق العبودية الخالصة لله تعالى حتّى يحصلَ له الأمنُ والطمأنينةُ والحمآيةُ الربانيةٌ التي لا تعادلها حمآيةٌ قال تعالى: ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ [يوسف: 64]

 هذا وقد انتهيتُ من هذا الكتاب يوم الخميس الساعة الثانية إلاّ ربع ظهراً بتاريخ 6/6/1431 هـ الموافق 20/5/2010 م بمدينة الدَّوحة والفضل لله من قبلُ ومن بعدُ وأسأله سبحانه وتعالى أن يتقبّلَ هذا العملَ ويشرح صدورَ العبادِ للانتفاع به ويبارك فيه بمنّه وكرمه وجوده قال تعالى: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [فاطر: 2].

وأختم هذا الكتاب بقوله الله تعالى: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [الحشر: 10]

 

 

كتاب: "الإيمان بالملائكة"، وهو متوفر على الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي على الرابط التالي:

http://www.alsalabi.com/salabibooksOnePage/645

 


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022