علم الآثار، ودعوى وجود الهيكل تحت المسجد الأقصى
مختارات من كتاب الأنبياء الملوك (عليهم السلام)
بقلم: د. علي محمد الصلابي
الحلقة (134)
منذ أن احتل اليهود الشطر الشرقي من القدس عام 1967م إلى اليوم، وهم يحاولون العثور على أي أثر يدل على بقايا الهيكل المزعوم، ويثبت مكانه تحت الحرم القدسي الشريف، وقد قامت حكومات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة بإجراء حفريات وأنفاق تحت أسوار جبل بيت المقدس، وتحت أسوار المسجد الأقصى من جانبيها: الغربي والجنوبي وامتدت الحفريات إلى الأرضية الداخلية تحت ساحة المسجد، وتحت مسجد النساء داخل المسجد الأقصى، واستمرت الحفريات بشق نفق واسع طويل اخترق المسجد من شرقه إلى غربه، وأقام اليهود في النفق كنيس يهودي صغير، افتتحه رسمياً رئيس الدولة ورئيس الوزراء الإسرائيلي عام 1986م. وفي عام 1981م أعلنت الهيئات اليهودية الدينية عن اكتشاف نفق كبير تحت الحرم القدسي. ولقد مرت عمليات الحفر والتنقيب بمراحل، لأن هدفها هو: تفريغ الأتربة والصخور من تحت المسجدين: الأقصى وقبة الصخرة، لترك المسجدين قائمين على فارغ؛ ليكونا -لا قدر الله- عرضة للانهيار والسقوط.
ولقد افتتحت حكومة الاحتلال الإسرائيلي نفقين، يمرّان من تحت المسجد الأقصى من جداره الجنوبي، تزعم إسرائيل أنهما كانا يستخدمان لنقل المياه إلى الهيكل المزعوم؛ افتتح النفق الأول عام 1996م في عهد رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو؛ في حين افتتح النفق الثاني بعيداً عن أعين وسائل الإعلام، في عهد رئيس وزراء إسرائيل إيهود بارك (إسماعيل، 2021، 344).
ويتساءل الدكتور صالح الرقب: هل وَجد علماء الآثار اليهود والأوروبيون والأمريكان خلال عمليات الحفر والتنقيب أثراً واحداً يدلّ على الهيكل المقدس المزعوم؟ أو يثبت أن المسجدين: الأقصى وقبة الصخرة قد أقيما على أنقاض ذلك الهيكل، كما تزعم الصهيونية واليهودية المسيحية؟
ويجيب على لسان الشيخ محمد أبو شقرا الذي عقد مؤتمراً صحفياً في عام 1983م، تحدث فيه عن تتابع أعمال الحفريات الأثرية، تحت المسجد فقال: إنّ الحفريات الأثرية تحت المسجد لم تسفر إلا على إلقاء الضوء على آثار من العهود الأموية والعباسية والعثمانية ولم يجد الإسرائيليون أية أدلة تؤكد أن معبداً (الهيكل) أقيم في أي وقت في هذا المكان. فهذه الآثار؛ الأموية العباسية والعثمانية تدل على إسلامية المسجد الأقصى البحتة التي لا يشترك معها فيها أي ديانة أخرى، وينسف الادعاءات الباطلة لليهود بوجود أي أثر لهم في المسجد الأقصى.
يقول الأستاذ منصور عبد الحكيم: لقد أثبت علماء الآثار من اليهود والأوروبيين والأمريكان الذين نقبوا واشتغلوا بالحفريات والأنفاق تحت الحرم القدسي الشريف، أنه لا يوجد أثر واحد لهيكل سليمان تحت الحرم القدسي، ولا تحت المسجد الأقصى، ولا تحت قبة الصخرة، وشاركهم الرأي كثير من الباحثين اليهود والغربيين، مما دفع بعضهم إلى أن يقول إنّ الهيكل قصة خرافية ليس لها وجود، ومن أشهر هؤلاء العلماء اليهود (إسرائيل فلنتشتاين) من جامعة تل أبيب (عبدالحكيم، 144).
إن المسجد الأقصى بُني قبل عهد سليمان (عليه السلام) بأزمنة طويلة كما مرَّ معنا، فكيف يكون هيكل سليمان المزعوم تحت المسجد الأقصى -كما يزعم اليهود-.
إنّ سليمان (عليه السلام) جدّد بناء المسجد الأقصى، فإن ذلك طبيعي لأنه كان مسلماً وموحدا ومفرداً لله في عبادته عز وجل، وهو من ذرية أبي الأنبياء إبراهيم، وسار على نهج موكب الأنبياء والمرسلين، فلم يكن يهودياً ولا نصرانياً، وهو حق ثابت للمسلمين.
مراجع الحلقة:
1. إسماعيل، بشير، (2021)، هيكل سليمان في عقيدة اليهود.
2. عبدالحكيم، منصور، سليمان (عليه السلام) النبي الملك.
لمزيد من الاطلاع ومراجعة المصادر للمقال انظر:
كتاب الأنبياء الملوك في الموقع الرسمي للشيخ الدكتور علي محمد الصلابي: