الجمعة

1446-07-10

|

2025-1-10

خلاصة القول في الهيكل المزعوم عند اليهود

مختارات من كتاب الأنبياء الملوك (عليهم السلام)

بقلم: د. علي محمد الصلابي

الحلقة (135)

إنّ الهيكل عقيدة يهود.ية، وله قدسية خاصة في الفكر اليهود.ي، وإن اليهو.د يعملون ويخططون لإعادة بنائه من جديد في نفس المكان الذي يزعمون أنه بني فيه هيكل سليمان، وهو فوق هضبة الحرم القدسي، حيث مكان المسجدين الإسلاميين؛ الأقصى وقبة الصخرة.

- أنّ ما يعتقده اليهو.د في الهيكل هو مزاعم باطلة، وأن النصوص التوراتية التي تحدثت عن الهيكل مليئة بالتناقض والكذب (إسماعيل، 2021، 345) ، فقد تبيّن التناقض الشديد بين الكثير من نصوص العهد القديم، وهو الذي يمثل محور وأساس الرواية اليهودية، بل وحتى تفصيلاتها في أغلب الأحيان. وقد قام الدكتور محمود عبده نور الدين ببيان هذه التناقضات والأكاذيب في بحثه القيم (الهيكل اليهود.ي: الرواية اليهود.ية والمنطق التاريخي).

- أنّ الحفريات تحت الحرم القدسي الشريف التي يقوم بها اليهو.د منذ احتلالهم للقدس، لم تثبت شيئاً من مزاعم اليهو.د في وجود الهيكل، وأنّ علماء الآثار من اليهو.د وغيرهم، قد كذبوا مزاعم اليهو.د في وجود الهيكل تحت الحرم القدسي (إسماعيل، 2021، 345).

- أحقية المسلمين في حائط البراق: عندما حدثت اضطرابات في القدس بين اليهو.د والمسلمين وزعم اليهو.د أنّ حائط البراق جزء من هيكلهم القديم، وحدثت ردود فعل مختلفة فلسطينية وعربية وإسلامية، واستمرت الاضطرابات سنين، وفي عام 1930م تم تشكيل لجنة دولية لدراسة المشكلة، وكتابة تقرير عنه، ووافق مجلس الأمم في 14 مايو 1930م على تشكيل هذه اللجنة بقيادة (شو). وقد حضرت اللجنة إلى القدس في 19 يونية 1930م، وأقامت شهراً كاملاً، واستمعت لعدد كبير من شهود العرب و اليهو.د، كما اطلعت على جميع الوثائق المقدمة إليها من الفريقين، واستمعت إلى مرافعات المحامين والذين أحضرهم الطرفان ثم كتبت تقريرها في هذا الشأن؛ ومن ذلك:

- للمسلمين وحدهم تعود ملكية الجدار الغربي، ولهم وحدهم الحق العيني فيه. ولكونه يؤلف جزءاً لا يتجزأ من مساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك وقف الملك الأفضل ابن أخي صلاح الدين الأيوبي وللمسلمين، وكذلك تعود ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة، لكونه موقوفاً حسب أحكام الشرع الإسلامي. فهذا التقرير الدولي يشهد بحق المسلمين بحائط البراق التاريخي والديني والقانوني.

- جاء في دائرة المعارف البريطانية: ليس من المؤكد أن الهيكل كان في حرم المسجد الأقصى، خاصة وأن تيتوس عندما هدمه عام 70م لم يترك شيئاً قائماً فيها وطمست سائر معالمها، فالبحث عنه إذن عبث.

ومع هذه الحقائق التاريخية الدامغة؛ إلا أن حركة اليهو.د المعاصرة تشير إلى جديتهم لهدم المسجد الأقصى وفق عقيدتهم المسيطرة عليهم، ومحاولة الارتباط التاريخي بسليمان (عليه السلام) الذي هو في الحقيقة نبي من أنبياء الله دعا إلى التوحيد وحكم بين الناس بالعدل، بعيداً كل البعد عن العنصرية والأباطيل التي يدعو إليها الاحتلال الصهيو،ني وممارسته الظالمة والجائرة؛ فكل الممارسات العنصرية التي مارسها شارون أو بن غوريون أو نتنياهو أو ليبرمان أو باراك أو أي سياسي صهيو،ني لا علاقة لها بمنهج سليمان (عليه السلام)، ولا عقيدته ولا سلوكه.

إن أفكار الحركة الصهيو،نية الاستيطا،نية هي أفكار استعمارية تسعى -بحقد عنصري- للسيطرة على أرض فلسطين، والقضاء على شعبها المجاهد، وتزوير تاريخي ممزوج بعقائد ما أنزل الله بها من سلطان، وأين هذه الحركة العنصرية الاستعمارية الظلامية القمعة الدموية من عصر الأنبياء الملوك: داوود، وسليمان (عليهما السلام)، الذين جاءت سيرهم العظيمة، وقصصهم الرشيدة في القرآن الكريم؟ فذكرت عدلهم وتوحيدهم، ومخافتهم من الله عز وجل، وعمارة الأرض، ورفع الظلم عن الناس، والارتباط الراشد بموكب الأنبياء والمرسلين من آدم (عليه السلام) إلى خاتمهم محمد ﷺ.

إن من حقّنا كمسلمين، صادقين الدفاع عن الحقيقة التاريخية والسيرة العظيمة، والقدوة الحسنة لكل من داوود وسليمان، وتخليصهم مما نسب إليهم من أكاذيب وعقائد باطلة لا دليل عليها ولا برهان إلا الأوهام والخرافات والأساطير. ومن حقنا الدفاع عن نبوتهم، وتخليص ما نسب إليهم من طعون وافتراءات في سيرهم؛ فعقيدتنا الإسلامية الصافية التي جاءت في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة توجب علينا ذلك.

إن القرآن الكريم بيَّن أكثر الحقائق الدامغة لسيرة داوود وسليمان عليهما السلام، فرد على التشويه اليهود،ي لهذين النبيين العظيمين، ولقد شوّهوا سليمان (عليه السلام)، واتّهموه بالكفر بالله، وأنه انحاز وراء الأصنام. وقالوا: إن سليمان ما حكم ملكه إلا بالسحر والاستعانة بالشياطين، وكذلك شوّهوا أباه داوود (عليه السلام). وقلتم إنه استعبدكم وجعل النير فوق رقابكم وتناسيتم أنه نبي مرسل وحفيد أنبياء مرسلين، وقلتم عنه أنه استدان الأموال وأرهق الناس بالضرائب ليبني هيكلكم المزعوم ويا للعجب؟ فأين هو هذا الهيكل الذي بناه النبي سليمان على حساب أموالكم والضرائب التي فرضها عليكم؟

يا للعجب العجاب تقولون ذلك ثم تدعون أن الهيكل رمز وجودكم ودولتكم الغابرة، فما بالكم تكفرون بالنبي سليمان، وتلبسونه لبوس المجرمين المشركين السحرة، ثم تقولون إن الهيكل الذي بناه رمز وجودكم في فلسطين.

إننا نخالفكم إلى ما ذهبتم إليه من هذا التشويه المبني على الأكاذيب، وإنما نقول إن النبي سليمان (عليه السلام) نبي مرسل على نهج من سبقه من الأنبياء والمرسلين -كنوح، وهود، وصالح، وإبراهيم، وإسحاق، وإسماعيل، ويعقوب، ويوسف، وموسى، وهارون، وغيرهم عليهم الصلاة والسلام - أرسله الله ليقيم العدل بين خلقه وعمارة الأرض على شرعه. وهو هبة من الله لأبيه داوود عليهما السلام، والنبي سليمان (عليه السلام) دعا الناس ملوكاً وغير ملوك إلى عقيدة التوحيد، وعبادة الله عز وجل، وكانت علاقته بملكة سبأ أن يثنيها وقومها عن عبادة غير الله وأن يدلهم إلى الصراط المستقيم، وأن كتابه الذي أرسله إليها بدأه باسم الله الرحمن الرحيم، ولم يبدأه باسم (يهود)، أو باسم (رب الجنود)، أو باسم (الإله) القومي لبني إسرائيل. والنبي سليمان (عليه السلام) لم يكفر، ولم يستخدم السحر، لتقوية ملكه، فهو نبي وقوته مستمدة من الله عز وجل.

إننا كمسلمين نعتز بسليمان (عليه السلام)، ونؤمن به كنبي مرسل، وإن حاربوه فنحن من ندافع عنه، وعن نبوته وسلوكه، وليس لكم أي علاقة به لا من قريب ولا من بعيد (الباشا، 2010، 153-155). وندعوكم إلى التوبة النصوح والرجوع إلى سيرته المحفوظة في القرآن الكريم. بل إنَّ تاريخ بني إسرائيل الحقيقي في منعرجاته المتنوعة وأنبيائه العظماء لا تجدون كتاباً -كالقرآن الكريم- حافظ على سيرهم بالتمام والكمال والصفاء والنقاء، وبيّن محل الاقتداء بهم كالذكر الحكيم، قال تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76) وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (77) إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (78)﴾ [النمل: 76-78].

مراجع الحلقة:

1. الباشا، حسن، (2010)، سليمان (عليه السلام) صرخة النبوة في وجه الخرافة التوراتية.

2. إسماعيل، بشير، (2021)، هيكل سليمان في عقيدة اليهود.

لمزيد من الاطلاع ومراجعة المصادر للمقال انظر:

كتاب الأنبياء الملوك في الموقع الرسمي للشيخ الدكتور علي محمد الصلابي:


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022