الدعم الأوربي والبريطاني لليهـود
مختارات من كتاب الأنبياء الملوك (عليهم السلام)
بقلم د. علي محمد الصلابي
الحلقة (138)
كانت أكثر البلاد العربية تحت سيطرت بريطانيا فدبر قادة اليهـود معها مؤامرة، وأخذوا بذلك وعداً من (بلفور) رئيس وزراء بريطانيا ثم وزير خارجيتها عام (1917م) أعلن فيه أن بريطانيا تمنح اليهـود حق إقامة وطن قومي لهم في فلسـطين، وأنها ستسعى جاهدة في تحقيق ذلك. وكان اليهـود قد بدأوا الهجرة إلى فلسـطين في الوقت الذي كانت فيه فلسـطين تحت الانتداب البريطاني، فاستطاع اليهـود بسبب الهجرة من تكوين دولة داخل دولة، وكانت الحكومة البريطانية تحميهم من بطش المسـلمين، وتتعامل معهم بكل تسامح، في الوقت الذي تتعامل فيه مع المسـلمين بكل شدة وتنكيل. ولما ضعفت بريطانيا عن تحقيق أماني اليهـود، أحالت الأمر للأمم المتحدة التي تتزعمها الولايات المتحدة الأمريكية، والتي بدورها استلمت الدور البريطاني في المنطقة، فأرسلت الأممُ المتحدةُ لجانَها إلى فلسـطين، ثم قرّرت هذه اللجانُ تقسيمَ فلسـطين بتخطيط يهودي وضغط أمريكي، فأعلن قرار التقسيم لفلسـطين بين المسـلمين واليهود في 29/11/1947م. (دولة، 2013، 62-64).
فقررت الحكومة البريطانية بعده الانسحاب من فلسـطين، تاركة البلاد لأهلها؛ وذلك بعد أن تأكدت أن اليهـود قادرون على تسلم زمام الأمر، فعند خروجها في مايو عام (1948م) أعلن اليهـود دولتهم، التي اعترفت بها أمريكا بعد إحدى عشرة دقيقة، وكانت روسيا قد سبقتها بالاعتراف، ثم استمر دعمها حتى تقوم على قدميها. وخاضت ضد المسـلمين عدة حروب مُنيَ فيـها المسـلمون بهزائم؛ بسبب بُعدهم عن دينهم وتفرّقهم إلى أمم وأحزاب وخيانة بعضهم.
وقد رأت الدول الغربية وأمريكا أنها ستكسب مكسبين عظيمين من إقامة هذا الكيان في جسد الأمة الإسلامية:
أحدهما: أنها تَسلَم من شرور اليهـود وسيطرتهم وفسادهم وتحكّمهم في البلاد وثروتها.
ثانيهما: أنها تضع في قلب الأمة الإسلامية دولة حليفة لهم، وهي في نفس الوقت علة تستنزف قوى الأمة الإسلامية، وتضع بذور الفرقة والخلاف بين أمرائها، حتى لا تقوم لها قائمة (دولة، 2013، 64).
وهذا المخطط قديم وليس جديداً، فقد اجتمعت الدول الاستعمارية (بريطانيا وفرنسا، وهولندا، وبلجيكا) عام 1907م للبحث في عوامل البقاء لدولتهم واستعمارهم، ومما خرجوا به من قرارات ما يعرف بتقرير (كاميل باترمان)، ونورد نصَّه لأهميته حيث جاء فيه:
“إن الخطر في الاستعمار يكمن في البحر الأبيض المتوسط فعلى الشواطئ الشرقية والجنوبية لهذا البحر شعب واحد، تتوفر له وحدة التاريخ والدين، واللغة، وكل مقومات التجمع والترابط، هذا فضلاً عن ثرواته الطبيعية ونزعته للتحرر، فلو أخذت هذه المنطقة بالوسائل الحديثة، وإمكانيات الصناعة الأوربية وانتشر التعليم بها فستحل الضربة القاضية بالاستعمار الغربي، فيجب إذن على الدول ذات المصالح المشتركة أن تعمل على استمرار تجزؤ هذه المنطقة، وإبقاء شعبها على ما هو عليه من تفكك وتأخر، وهذا يستلزم فصل الجزء الأفريقي في هذه المنطقة عن الجزء الآسيوي، وتقترح اللجنة لذلك: إقامة حاجز بشري قوي وغريب يحتل الجسر الذي يربط آسيا بأفريقيا؛ بحيث يشكل في هذه المنطقة وعلى مقربة من قناة السويس قوة صديقة للاستعمار وعدوة لسكان المنطقة.” ويتضح من هذا التقاءُ المصالح الغربية والأطماع اليهـودية، وأنهم جميعاً كادوا للأمة الإسلامية (دولة، 2013، 62-64).
مراجع الحلقة:
1. دولة، محمد علي، (2013)، كلام في اليهـود، مجموعة مقالات في اليهـود وفي دولتهم المعاصرة، دمشق، دار القلم، ط1، 2013م، ص 62-64.
لمزيد من الاطلاع ومراجعة المصادر للمقال انظر:
كتاب الأنبياء الملوك في الموقع الرسمي للشيخ الدكتور علي محمد الصلابي.