السبت

1446-10-28

|

2025-4-26

في سيرة صلاح الدين:
إحياء الأيوبيين لدولة الخلافة العباسية

الحلقة: السابعة والثلاثون

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

ذو القعدة 1441 ه/ يونيو 2020

استطاعت الدولة الأيوبية في نهاية القرن السادس الهجري ، ومطلع القرن السابع الهجري إحياء النفوذ السياسي لدولة الخلافة العباسية في أغلب أرجاء بلاد المشرق الإسلامي ، فبعد قضاء الأيوبيين على الخلافة الفاطمية بمصر سنة 567هـ/1171م قد نجحوا في سنة 569هـ/1173م في فتح بلاد اليمن ، وكانت تعدُّ من أقدم ، وأقوى معاقل الدعوة الفاطمية ، واستطاعوا القضاء على الدَّاعي الفاطمي بها عبد النبي بن مهدي ، وخطبوا لبني العباس على منابر اليمن؛ ومن اليمن مدُّوا نفوذهم إلى الحرمين الشريفين ، وخطبوا على منابرهما لخليفة بغداد؛ الذي اكتمل له بهذا الأمر مظاهر نفوذه الرُّوحي في العالم الإسلامي؛ لكونه أصبح حامي حمى الحرمين الشريفين بعد تفردُّ الخلافة الفاطمية بهذا الأمر دون بني العباس لفترةٍ طويلة. وثمة عدَّة إشارات ذكرها المؤرخون المصريون، واليمنيون ، والشوام المعاصرين للفتح الأيوبي لليمن، توضِّح: أنَّ هذا الفتح كان خطوةً أيديولوجية للإجهاز على الدَّعوة الفاطمية ، هدف إليها السلاجقة ، ثم الزنكيُّون ، ونفذها بنو أيوب ، ولم يكن بحال من الأحوال تأييداً لاستقلال الأيوبيين عن نور الدين زنكي ، وقد حرص الأيوبيون عند فتحهم لليمن على إدخال كتب الدَّعوة السنية مع جيوشهم، والعمل على نشرها في بلاد اليمن، وذلك للقضاء على كتب الدَّعوة الشيعية هناك، مثل كتب المعتزلة، والزيدية، والفاطميين؛ التي كانت قد اجتلبت إلى بلاد اليمن من بلاد الدَّيلم في عهد أئمَّة اليمن الزيدية، وإبَّان النفوذ الفاطمي على بلاد اليمن.
ومن ناحيةٍ أخرى: حاول الأيوبيون ضمَّ المغرب الإسلامي ، وانتزاعه من الموحدين لصالح العباسيين ، ولقد حرص صلاح الدين على احترام الخلفاء العباسيين ، وكان منهجه امتداداً لمنهج نور الدين؛ الذي وصفه سبط ابن الجوزي بأنه: كان يتدَّين بطاعة الخليفة. وكان هذا الاحترام نابعاً من إيمانه بوجوب الطاعة للخلفاء العباسيين. ويظهر هذا بوضوح في إحدى رسائل القاضي الفاضل إلى الخليفة الناصر بعد استيلاء صلاح الدين على حلب؛ إذ جاء فيها: وهذه المقاصد الثلاثة: الجهاد في سبيل الله ، والكف عن مظالم عباد الله ، والطاعة لخليفة الله هي مراد الخادم من البلاد؛ إذا فتحها ، ومغنمة من الدنيا؛ إذا منحها ، والله العالم: أنه لا يقاتل لعيش ألين من عيش ، ولا يريد إلا هذه الأمور؛ التي توسَّم أنها تلزم. وعندما أرسل الخليفة الناصر لدين الله إلى صلاح الدين يعاتبه في تلقُّبه بالملك الناصر مع أنَّه لقب أمير المؤمنين أرسل إليه يعتذر بأنَّ ذلك كان من أيام الخليفة المستضيء ، وأنَّه إن لقبه أمير المؤمنين بلقب آخر؛ فهو لا يعدل عنه ، وتأدَّب مع الخليفة غاية الأدب. وسار على هذا النهج تجاه الخلفاء معظم الأيوبيين.

يمكنكم تحميل كتاب صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي:
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/66.pdf


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022