صبر المرأة المسلمة: رمز الإيمان والثبات
قدمت المرأة المسلمة عبر التاريخ الإسلامي نماذج مشرفة من الصبر والإيمان، فكانت حقاً مثالاً للثبات والتوكل.
أم سلمة (رضي الله عنها): عند وفاة زوجها أبي سلمة، صبرت واحتسبت، ودعت بالدعاء النبوي: "اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها"، فاستجاب الله، ورفع قدرها حتى كانت زوجة لرسول الله ﷺ تكريماً لصبرها وإيمانها.
أسماء بنت عميس (رضي الله عنها): هاجرت مرتين، إلى الحبشة ثم إلى المدينة، تحملت مشاق الهجرة وفراق الأهل، صابرة محتسبة، حتى دعا لها النبي ﷺ بتمام الأجر، وامتدحها كرفيقة مؤمنة ثابتة.
صفية بنت عبد المطلب (رضي الله عنها): في غزوة الخندق، عندما اقترب العدو من الحصن، وقفت شامخة صابرة، ودافعت عن المسلمين بشجاعة، لتصبح رمزاً للثبات والإقدام في أوقات الشدائد.
أم عمارة نسيبة بنت كعب (رضي الله عنها): شاركت في غزوة أحد، ووقفت بجانب النبي ﷺ حتى قال عنها: "ما التفتُّ يميناً ولا شمالاً يوم أحد إلا ورأيتها تقاتل دوني"، صبرت رغم جراحها، محتسبة الأجر في سبيل الله.
مارية القبطية (رضي الله عنها): غادرت وطنها مصر إلى المدينة، وتحملت مشقة الغربة، وواجهت صعوباتها بصبر المؤمنات، محتسبةً كل ألم عند الله.
وقد قال الله تعالى: "إنما يُوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب" (الزمر: 10)، وقال النبي ﷺ: "عجباً لأمر المؤمن! إن أمره كله خير...". وقال إبراهيم التيمي: "ما من عبد وهب الله له صبراً على الأذى والبلاء والمصائب، إلا وقد أُوتي أفضل ما أُوتي أحد بعد الإيمان بالله" (الصبر والثواب عليه، ابن أبي الدنيا، ص 28).
هؤلاء النساء هن نماذج في الصبر الحقيقي في التاريخ الإسلامي، حملن الإيمان في قلوبهن، وكنّ مشاعل أمل وثبات في أحلك الظروف.
د. علي محمد الصلابي