الأحد

1446-10-22

|

2025-4-20

(لقب الرئيس وممارسة السلطة التنفيذية العليا)

الحلقة: 8

بقلم: د. علي محمد الصلابي

ربيع الآخر 1443 ه/ نوفمبر 2021

هو اللقب الذي تسمى به بعض ولاة أمور المسلمين بعد انتهاء الخلافة وتفرق كلمة المسلمين، وانقسام الدولة الإسلامية إلى أقاليم صغيرة سميت بعضها بالجمهورية، وبعضها بالدولة، وبعضها بالسلطنة، وبعضها بالمملكة.

أ ـ تعريف الرئيس لغة:

إن كلمة «الرئيس» مأخوذة من الرأس، ورأس كل شيء: أعلاه، ويأتي الرئيس بمعنى: الذي شبه رأسه ورأس القوم برأسهم رئاسة، وهو رئيسكم ورأس عليهم كأمر عليهم.

والرئيس: سيد القوم، والجمع رؤساء.

ويقال أيضاً: «ريّس» بوزن قيّم.

قال الشاعر:

تلقى الأمان على حياض محمد ثــــــــــــــــــــــــــــولاء وذئب أطلـــــــــس

لا ذي تخــــــاف ولا لهذا جـــــــــرأة تهدى الرعية ما استقــــــام الريس

وقوله: تهدى الرعية ما استقام الريّس، أي: إذا استقام رئيسهم المدبر لأمورهم صلحت أحوالهم باقتدائهم به.

ويقال لصاحب الشرف والوجاهة «الرئيس» كما أطلق على أبي الحصين بن معاوية الرئيس، فكان يقال له: معاوية الرئيس.

ب ـ إطلاق «الرئيس» على الحاكم:

لم يشتهر إطلاق «الرئيس» على من تولى أمور المسلمين من قبل ظهور الجمهوريات في الدولة الإسلامية الحديثة؛ ولذا لم يعرف الفقهاء «الرئيس» على أنه المتولي للسلطة، إلا أننا نجد أن إمام الحرمين عرف الإمامة بقوله: رئاسة تامة، وزعامة عامة.

وكذلك أطلق ابن خلدون لفظ «الرئاسة» كثيراً على السلطة العليا، ولفظ «الرئيس» على من يتولى تلك السلطة، فنجده يقول: «أن الرئاسة لا تكون إلا بالغلب».

فنرى أن لفظ «الرئاسة» و«الرئيس» ورد مرادفاً لكلمة «الخلافة» و«الخليفة» و«الإمامة» و«الإمام».

ويبدو أن هذا الإطلاق على هذا المنصب إنما هو مأخوذ من المعنى اللغوي السالف الذكر.

وقد استعمل لفظ «الرئيس» في الأندلس على من يتولى السلطة في مدينة ما مستقلاً عن الإمامة العظمى.

قال ابن بشكوال: جمهور بن محمد: رئيس قرطبة، انفرد بالرياسة فيها.

ونجد في المرجع نفسه ترجمة محمد بن إسماعيل اللخمي: قاضي إشبيلية ورئيسها، كان من أهل العلم، وتولى القضاء بإشبيلية، ثم انفرد برياستها، وتدبير أمورها، وسكن قصرها.

ونجد في تكملة الصلة تراجم لعدة رجال، أكثرهم من القضاة، أصبحوا رؤساء في مدنهم.

ومن الجدير بالذكر، إن هذا النوع لم يقترن من الخلافة قط، وإنما ظهر بعد زوالها، فهو شبيه بجمهوريات القرون الوسطى التي كانت فيها كل مدينة جمهورية مستقلة، كجمهورية البندقية، وجمهورية نابولي وغيرهما مع الاختلاف الواضح بين هذه الجمهوريات، وأسباب ظهورها، وطرائق حكمها وبين الرئاسات التي ظهرت في الأندلس.

وقد عرف بعضهم «الرئيس» بقوله: كل من كانت له الولاية والتدبير، وهو يشمل الولاية العظمى وغيرها، على أن هذا اللفظ اقتصر إطلاقه في العصر الحاضر على من يتولى السلطة التنفيذية العليا في الدولة.

إن هذه الألقاب «الخليفة» و«أمير المؤمنين» و«الإمام» ليست من الأمور التعبدية، فهي ألقاب وجدت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، واصطلح الناس عليها، وقد أطلق المسلمون غير هذه الألقاب في وقت لاحق، ومن هنا فليس شرطاً أن يطلق على الحاكم في الدولة الإسلامية لقب من هذه الألقاب، إذ أن المهم في هذا المجال أن يكون المسلمون ورئيسهم خاضعين للتشريع الإسلامي عقيدة وشريعة بغض النظر عن الألقاب التي يمكن أن تطلق على هذا الرئيس، سواء كان لقبه الخليفة أم أمير المؤمنين، أم رئيس الدولة، أم رئيس الجمهورية فيمكن إطلاق أحد هذه الألقاب أو غيرها، وهذا يرجع إلى ما يتعارف عليه الناس.

يمكنكم تحميل كتاب التداول على السلطة التنفيذية من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي

http://alsallabi.com/uploads/file/doc/16.pdf


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022