(ظروف انتقال الرئاسة لأبي بكر الصديق سلمياً)
الحلقة: 11
بقلم: د.علي محمد الصلابي
ربيع الآخر 1443 ه/ نوفمبر 2021
1 ـ الاجتماع في سقيفة بني ساعدة:
لما علم الصحابة بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة في اليوم نفسه، وهو يوم الإثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول من السنة الحادية عشرة للهجرة، وتداولوا الأمر بينهم في اختيار من يلي الخلافة من بعده، والتف الأنصار حول زعيم الخزرج سعد بن عبادة رضي الله عنه.
2 ـ اختلاف الآراء حول الرئيس:
ولما بلغ خبر اجتماع الأنصار في سقيفة بني ساعدة إلى المهاجرين، وهم مجتمعون مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه لترشيح من يتولى الخلافة، قال المهاجرون لبعضهم: انطلقوا بنا إلى إخواننا من الأنصار، فإن لهم في هذا الحق نصيباً.
قال عمر رضي الله عنه: فانطلقنا نريدهم، فلما دنونا منهم لقينا منهم رجلان صالحان، فذكرا ما تمالأعليه القوم.
فقالا: أين تريدون يا معشر المهاجرين؟
قلنا: نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار.
فقالا: فلا عليكم أن لا تقربوهم، اقضوا أمركم.
فقلت: والله لنأتينهم.
فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة، فإذا هم مجتمعون، وإذا رجل مزمِّل بين ظهرانيهم، فقلت:
من هذا؟
فقالوا: هذا سعد بن عبادة.
فقلت: ما له؟
فقالوا: يُوعك.
فلما جلسنا قليلاً تشهَّد خطيبهم، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام، وأنتم ـ يا معشر المهاجرين ـ رهط منَّا، وقد دفَّتْ دافة من قومكم، فإذا يريدون أن يختزلونا من أصلنا، وأن يحضنونا من الأمر. فلما سكت أردت أن أتكلم ـ وكنت قد زوّرت مقالةً أعجبتني أريد أن أقدّمها بين يدي أبي بكر ـ وكنت أداري منه بعض الحدَّة، فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر: على رسلك.
فكرهت أن أغضبه، فتكلم أبو بكر، فكان هو أحلم مني وأوقر، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قال في بداهته مثلها، أو أفضل منها حتى سكت. فقال: ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل، ولن يُعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسباً وداراً، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين، فبايعوا أيهما شئتم ـ فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا ـ فلم أكره مما قال غيرها، وكان والله أن أقدّم فتضرب عنقي لا يُقرِّبني ذلك من إثم ؛ أحب إليّ من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر، اللهم إلا أن تسوِّل إليَّ نفسي عند الموت شيئاً لا أجده الان.
فقال قائل من الأنصار: أنا جذيلها المحكّك وعذيقها المرجب، منا أمير ومنكم أمير، يا معشر قريش. فكثر اللغط، وارتفعت الأصوات، حتى خشيت من الاختلاف، فقلت: ابسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده، فبايعته، وبايعه المهاجرون، ثم بايعه الأنصار.
3 ـ نحن الوزراء وأنتم الأمراء:
في رواية أحمد.. فتكلم أبو بكر رضي الله عنه فلم يترك شيئاً أنزل في الأنصار، ولا ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم من شأنهم إلا وذكره، وقال: ولقد علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو سلك الناس وادياً وسلكت الأنصار وادياً سلكت وادي الأنصار»، ولقد علمت يا سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وأنت قاعد: «قريش ولاة هذا الأمر» فبَرُّ الناس تبع لبرِّهم، وفاجر الناس تبع لفاجرهم، قال: فقال له سعد: صدقت نحن الوزراء وأنتم الأمراء.
يمكنكم تحميل كتاب التداول على السلطة التنفيذية من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي