الجمعة

1446-06-26

|

2024-12-27

عدد الملائكة وأسماؤهم وهل يموتون؟

الحلقة: الرابعة

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

شوال 1441 ه/ مايو 2020

أولاً: عدد الملائكة
الملائكةُ الكِرامُ من مخلوقاتِ الله تعالى العظام التي لا يُحْصَى عددُها ولا يحيطُ بأوصافِها إلاّ خالقها عز وجل حيث قال تعالى {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ} ]المدثر: 31 [.
وقد ورد في كثرتهم ما يبهرُ العقلَ ويفوقُ الحصرَ ومنه حديثُ المعراجِ المتّفقِ على صحته «إنّ البيتَ المعمورَ يُصلِّي فيه كلُّ يومٍ سبعونَ ألفَ ملكٍ إذا خرجوا لم يعودوا إليه اخرَ ما عليهم».
وقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم «يُؤْتَى بجهنّمَ يؤمئذٍ لها سبعونَ ألفَ زمامٍ مع كلِّ زمامٍ سبعونَ ألفَ مَلَكٍ يجرُّونها».
فعلى ذلك فإنّ الذين يأتون بجهنم يوم القيامة أربعة الاف وتسعمئة مليونَ مَلَك، وقد اتفقت كلمةُ أهلِ العلم على كثرتهم وأنّ عددهم لا يحصيه إلا خالقهم.
وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم أطيطَ السماءِ من ثقل الملائكة وكثرتهم فقال صلى الله عليه وسلم.
«إِنيّ أرى ما لا تَرَوْنَ وأسمعُ ما لا تسمعونَ أَطَّتِ السماءُ وحُقَّ لها أَنْ تَئِطَّ ما فيها مَوْضعُ أربعِ أصابعَ إلا وَمَلَكٌ واضِعٌ جبهته ساجداً للهِ تعالى واللهِ لو تعلمونَ ما أَعْلَمُ لَضَحِكْتُم قليلاً ولَبَكْيتُم كثيراً».
فإذا علمنا أنّ السماوات السبع قد مُلأت بحيثُ لا نجدُ موضعَ أربعِ أصابعَ إلا وعليها مَلَكٌ يعبدُ الله فهل يتخيل العقلُ بعد هذا عددَهم؟ فسبحان من خلقهم وصرفهم وأحصاهم قال تعالى {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَانِ عَبْدًا *لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا *وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا *} ]مريم: 93 ـ 95 [.
ثانياً: أسماء الملائكة:
وردت تسمية الملائكة عليهم السلام في القران والسنة بعدة أسماء، عامة وخاصة:
1 ـ الأسماء العامة
أ ـ الأشهاد
قال تعالى {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ *} ]غافر: 51.[ قال ابن كثير الأشهادُ الملائكةُ.
وقال تعالى {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ *} ]هود: 18.[ قال القرطبي الأشهادُ الملائكةُ؟
ب ـ الملأ الأعلى:
قال تعالى {لاَ يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإَ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ *} الصافات: 8. [
وقال تعالى {مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلإَ الأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ *} ص: 69. الملأُ الأعلى لا تطلَقُ إلا على الملائكة.
ج ـ الجنود:
قال تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ *} التوبة: 26.
وقال تعالى: {إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا} التوبة: 40. وقال تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا *} الأحزاب: 9.
والآيات في هذا المعنى كثيرةٌ وقد ذكر المفسرون رحمهم الله أنَّ الجنود أنزلهم الله على المؤمنين وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم همُ الملائكة. والأحاديثُ الكثيرةُ تدلُّ على أنَّ الجنودَ التي لم يروها هي الملائكة كما في حديث حُذيفة قال فذهبتُ فدخلتُ في القومِ والريحُ وجنودُ اللهِ تفعلُ ما تفعلُ.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت فلّما رجعَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم من الخندقِ وضَع السلاحَ فاغتسلَ فأتاه جبريلُ وهو ينفضُ رأسَه من الغبارِ فقال وضعتَ َالسلاحَ واللهِ ما وضعناه.
د ـ السفرة:
قال تعالى: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ *كِرَامٍ بَرَرَةٍ *} عبس: 15-16. قال ابن جرير الطبري والصحيحُ أنَّ السفرةَ الملائكةُ والسفرة يعني بين الله تعالى وبين خلقه ومنه يقال السفير الذي يسعى بين الناس في الصلح والخيرِ كما قال الشاعر:
وما أدعُ السفارةَ بينَ قومي وَمَا أَمْشي بِغِشٍّ إنْ مَشَيْتُ
هـ - الرسل:
قال تعالى {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ *} الحج: 75. وقال تعالى {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *} فاطر: 1.
وقال تعالى {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ *قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ *لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ *} الزاريات: 13-33. فقد سمّى اللهُ الملائكةَ رسلاً في آيات كثيرة.
2 ـ الأسماء الخاصة
أ ـ جبريل
قد جاء في النصوص الشرعية أنّ الملائكة أصنافٌ كما ثبتَ أنَّ لكلٍّ منهم وظائفَ وأعمالاً.
فوظيفةُ الملائكة الأولى التي يقومُون بها في الجملةِ تسبيحُ الله تعالى والتعبّدُ له ليلاً ونهاراً من غير مللٍ ولا فتورٍ.
ومن أشهر الملائكةِ جبريل عليه السلام وهو الموكل بالوحي وغير ذلك من الأعمال وقد ورد ذكره في القران الكريم في عِدّةِ مواضَع.
قال تعالى {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ} البقرة: 97.
وقال تعالى {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} التحريم: 4. وجاء اسمُه في السنة كثيراً فهو الذي يجيءُ بالوحي إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم من أوّلِ يومٍ في غار حراء حتى اخرِ عمره صلوات الله وسلامه عليه وهو الذي صحبه في إسرائه ومعراجه وربّما تمثل له بصورةِ رجلٍ فيكلِّمُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم والصحابة ينظرون ويسمعون ولا يعرفونه حتى يخبرهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم بذلك.
وقد سمّاه الله بغير هذا الإسم في القران فمن اسمائه الشريفة:
الروح:
قال تعالى {تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ *} المعارج: 4. وقـال تعالى {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلاَئِكَةُ صَفًّا لاَ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَانُ وَقَالَ صَوَابًا *} النبأ: 38. وقال تعالى {تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ *} القدر: 4. القدر قال القرطبيُّ والروح جبريل عليه السلام قاله ابنُ عبّاس.
وممّا يدلُّ على أنَّ المرادَ بالروحِ هنا جبريلُ أنّ الله عزّ وجلّ أضافه إلى نفسِه في قوله تعالى {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا *} مريم: 17.
الروح الأمين:
قال تعالى {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ *عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ *بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ *} الشعراء: 193 ـ 195. قال ابنُ كثير هو جبريلُ عليه السلام قاله غيرُ واحدٍ من السلف وهذا مما لا نزاع فيه.
روح القدس:
قال تعالى: {وآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} 8 وقال تعالى {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ *} 10
وهذا الاسمُ اسمٌ مشهورٌ في السنة حيث ذكره النبيّ صلى الله عليه وسلم في دعائه لحسّان رضي الله عنه عندما كان يرد عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم فعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنّه سمعَ حسّانَ بنَ ثابتٍ الأنصاري يستشهد أبا هريرة أنشِدُك الله هل سمعتَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول «يا حسّانُ أَجِبْ عَنْ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم اللهمَّ أيده بروحٍ القُدس» قال أبو هريرة نعم.
وعن أبي أمـامةَ رضي الله عنه قـال: قـال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ روحَ القدسِ نفثَ في رَوْعي أنَّ نفساً لن تموتَ حتّى تستكمِلَ أجلَها وتستوعبَ رزقَهـا، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملنَّ أحدَكم استبطـاءُ الرزقِ أن يطلبَه بمعصيةِ اللهِ فإنّ الله تعالى لا يُنالُ ما عندهَ إلا بطاعته» ومعنى القدس أي الطاهر.
وقال الراغب: وقوله تعالى. {قُل نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ *} ، يعني به: جبريل، من حيث إنه ينزل بالقدس من الله، أي: مما يطهر به نفوسنا، من القرآن والحكمة والفيض الإلهي.
وقال الطحاوي: وقوله {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ *}هو جبريلُ، عليه السلام، سُمِّي روحاً لأنّه حامِلُ الوحي الذي به حياةُ القلوب إلى الرسل من البشر صلوات الله عليهم أجمعين وهو أمينٌ حقُّ أمينٍ صلوات الله عليه.
وقد كان لجبريلُ عليه السلام مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم شأنٌ عظيمٌ فهو صاحبه في غار حراء في أوّل يوم من أيام نبوته وتمثّل له رجلاً وكلّمه وراه في صورته التي خلقه عليها وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يتشوَّقُ للقاء جبريل عليه السلام ويطلبُ منه عدمَ التأخُّرِ في الزيارة ومدارسةِ القران في كل رمضان وفي العام الذي مات فيه رسول صلى الله عليه وسلم دارسه القرانَ مرّتين إلى غير ذلك من الأعمال الشريفة العظيمة مما يدلُّ على مكانته عند الله حتى قال غيرُ واحدٍ من العلماء إنّه عليه السلام أفضلُ الملائكةِ وأعظمُهم عندَ اللهِ عزّ وجلّ.
ب ـ ميكائيل
من أعيان الملائكة ميكائيلُ عليه السلام ثبت هذا الاسمُ في القران والسنة كما قال تعالى: {مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ} البقرة: 98.
ومعي ميكائيلُ مُعَبّدُ لله أي عبدُ الله أو عبيدُ الله.
ج ـ إسرافيل:
لم يرد اسم إسرافيل عليه السلام في القران الكريم وإنّما وردَ في السنة في أحاديثَ صحيحةٍ منها حديثُ عائشة رضي الله عنها أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان إذا قامَ من الليلِ يصلِّي يقول «اللهمَّ ربَّ جبريلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ فاطرَ السماواتِ والأرضِ عالمَ الغيبِ والشهادةِ أنتَ تحكمُ بين عبادِكَ فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختُلِفَ فيه مَنِ الحقِّ بإذنك إنّك تهدي مَنْ تشاءُ إلى صراطٍ مستقيم».
والمشهور عند المفسرين أنَّ إسرافيلَ عليه السلام مُوْكَلٌ بالنفخ في الصور والصورُ القرنُ يَنْفُخُ فيه إسرافيلُ.
وقد وردَ الصورِ في آيات كثيرة منها قوله تعالى {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ *} المؤمنون: 101. وقوله تعالى {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ} النمل: 87. وقال تعالى {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ *} ق:20.
والنفخ في الصور ثلاث نفخات نفخة الفزع ونفخة الصعق والموت لمن لم يمت ونفخة القيام لرب العالمين ورجح بعضُ العلماءِ أنّهما نفختان فقط.
ولا يوجَدُ حديثٌ واحدٌ صحيحٌ ينصُّ على أنَّ الذي ينفخُ في الصور هو إسرافيلُ عليه السلام مع كثرةِ الأحاديثِ التي تحدّثت عن النفخِ وعددِ النفخات وصفةِ الصور وصفةِ الملك الذي ينفخُ فيه.
ولقد صحَّ ولكن بدون ذكرِ إسرافيل من حديث أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وكيف أنعمُ وصاحِبُ القرنِ قد التقمَ القرنَ واستمعَ الإذن متى يُؤْمَرُ بالنفخِ فينفخ».
وقد جمع النبيُّ صلى الله عليه وسلم في دعائه المتقدّم بين جبريلُ وميكائيلَ وإسرافيلَ مَّما يدلُّ على عِظَمَ هؤلاء الثلاثة عليهم السلام، ومكانتهم عند الله، وضخامةِ ما وكلهم اللهُ به.
3 ـ مالكٌ خازنُ النار:
قال تعالى {وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ *} الزخرف: 77. ونادى هؤلاء المجرمون مالكاً خازن جهنم بعدما أدخلهمَ الله جهنم فنالهم فيها من البلاء ما نالهم {وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ *} ونادى هؤلاء المجرمون مالكاً خازن جهنم بعدما أدخلهمَ الله جهنم فنالهم فيها من البلاء ما نالهم {يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} أي ليمتنا ربك.
4 ـ ملك الموت:
قال تعالى {قُلْ يَتَوفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ *} السجدة: 11.
وقال تعالى {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ *} الأنعام: 61.
5 ـ منكر ونكير:
جاء هذان الاسمان في أحاديث فتنة القبر ـ نعوذ بالله منها ـ فمن ذلك ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إذا قُبِرَ الميتُ أو قال أحدكم أتاهُ ملكانِ أسودانِ أزرقانِ يقال لأحدِهما المنكر وللأخر النكير فيقولان ما كنتَ تقول في هذا الرجل» الحديث.
6 ـ هاروت وماروت:
اسمان لملكينِ كريمينِ نُسِجَتْ حولهما قصصٌ وأساطير أكثرُها أُخِذت من أهل الكتاب وقد ورد ذكرهما في القران في قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اُشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ *} البقرة: 102.
فهاروت وماروت ملكانِ أُنزلا إلى الأرض فتنةً للناس وكانا يحذّران مَنْ جاءهما ليتعلّم منهما ما نزلا به.
وقد نُسِجَتْ حولهما في كتب التفسيرِ أساطيرُ كثيرةٌ لم يثبْت شيءٌ منها في الكتابِ والسنّةِ فيكتُفَى في معرفة أمرِهما بما دلّت عليه الآية الكريمة.
7 ـ الأسماء المنسوبة للملائكة ولم تصحّ تسمية الملائكة بها:
أ ـ عزرائيل:
وقد جاء في بعضِ الاثارِ تسميةُ ملك الموت باسم عزرائيل ولا يوجدُ في القران ولا في الأحاديث الصحيحة تسمية بهذا الاسم.
ب ـ رقيب وعتيد:
يذكرُ بعضُ العلماء أنَّ مِنَ الملائكةِ من اسمه رقيبٌ وعتيدٌ استدلالاً بقوله تعالى {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ *مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ *} ق: 17- 18.
وما ذكروه غيرُ صحيحٍ فالرقيبُ والعتيدُ هنا وصفٌ للملكين اللذين يسجّلان أعمال العباد ومعنى رقيبٌ وعتيدٌ أي ملكانِ حاضرانِ شاهدانِ لا يغيبانِ عن العبدِ وليسَ المرادُ أنّهما اسمان للملكين.
ثالثاً ـ رؤية الملائكة:

دلّتِ النصوصُ على أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رأى جبريلَ بصورته التي خلقه الله عليها مرّتين وكان يراه كثيراً متمثّلاً بصورةِ رجلٍ وكان كثيراً ما يتمثّل بصورةٍ دحْيَةَ الكلبي وربما راه النبيُّ صلى الله عليه وسلم وكلّمه وعنده بعضُ أصحابه وزوجاته ولا يرونه كما ثبتَ ذلك في حديثِ عائشةَ رضي الله عنها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لها «يا عائشةُ هذا جبريلُ يقرأُ عليكِ السلامُ» فقالت وعليه السلامُ ورحمةُ الله وبركاته ترى ما لا أرى.
وربّما راه أصحابهُ رضي الله عنهم كما صحَّ أنهم رأوه بصورةِ رجلٍ شديدِ بياضِ الثيابِ شديدِ سوادِ الشعرِ كما هو ثابتٌ في حديث جبريلَ المشهور وغيره، ولكن ينبغي أن يحذرَ الإنسانُ فرّبما لبَّس عليه شيطانٌ وظنَّ أنه مَلَكٌ.
أما رؤيتهم على صورتهم التي خلقَهم الله عليها فظاهِرُ النصوص تدلُّ على أنّهم لا يُرون وإذا كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم لم يرَ جبريلَ على صورته إلاّ مرتينِ وهاله عِظَمُ خلقِه فلأنْ لا يراهم غيرهُ من بابٍ أولى.
وقد تدنو الملائكةُ من الإنسانِ في حالاتٍ وقد يشعرُ بوجودِها ولكنَّه لا يراها ولا يبصِرُها وإن كان يرى أثرَ وجودِها كما قال تعالى {فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ *وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ *وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لاَ تُبْصِرُونَ *} الواقعة: 83 ـ 81.
فمَلكُ الموتِ وأعوانُه يحضرون الميتَ والناسُ كذلك يحضرون والمؤمنُ يعلمُ قطعاً أنَّ ملكَ الموتِ يقبضُ روحَ الميتِ لكنّه لا يراه وإنْ رأى أثرَه وهو موتُ الرجلِ.
ومن ذلك حديثُ أُسيدِ بن حُضيرٍ رضي الله عنه قال بينما هو يقرأُ من الليلِ سورةَ البقرةِ وفرسُه مربوطٌ عندَه إذْ جالتِ الفرسُ فسكتَ فسكنتْ فقرأ فجالتِ الفرسُ فسكتَ وسكنتْ الفرسُ ثم قرأَ فجالتْ الفرسُ فانصرفَ وكان ابنُه يحيى قريباً منها فأشفقَ أن تصيبَه فلّما اجترّه رفعَ رأسَه إلى السماء فإذا مثلُ الظُّلةِ فيها أمثال المصابيح فخرج حتى ما يراها فلمّا أصبحَ حدّثَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال له «اقرأ يا بنَ حُضَيْر اقرأ يا بنَ حُضير» قال فأشفقتُ يا رسولَ اللهِ أنْ تطأَ يحيى وكان منها قريباً فرفعتُ رأسي فانصرفتُ إليه فرفعتُ رأسي إلى السماءِ فإذا مثلُ الظُّلَّةِ فيها أمثالُ المصابيح فخرجتُ حتّى لا أراها قال «وتدري ما ذاك؟» قال لا قال «تلك الملائكةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ ولو قرأتَ لأصبحتْ ينظرُ الناسُ إليها لا تتوارى منهم»، فالاختفاء إذاً هو عادةُ الملائكةِ لكنّهم قد يظهرون ولكن بغير صورتهم التي خلقهم الله عليها كما ظهروا هنا لأسيدِ بن حُضير رضي الله عنه في الظلّة لكنّه لم يرهم.
وأمّا قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم «ولو قرأتَ لأصبحتْ ينظرُ الناسُ إليها لا تتوارى عنهم» ففيه جوازُ رؤيتهم لكنّ الله عزّ وجلّ لم يأذن بها ولذلك جالتِ الفرسُ وقطعتْ قراءةَ أُسيدٍ.
وحضورُ الملائكةِ مجالسَ الذكرِ وشهودُها صلاةَ العصرِ وصلاةَ الفجرِ وغير ذلك أمرٌ معلومٌ لكنّ أُسيد بنُ حُضير رأى هنا ما لا يراهُ الناسُ في صلاةِ الفجرِ والعصرِ ومجالسِ الذكر وهو مع ذلك لم يعلمْ أنّها ملائكةٌ إلا بخبر النبيِّ صلى الله عليه وسلم لأنّه لم ير صورَها وإنما رأى مصابيحَ في ظُلَّةٍ.
ومنها حديثُ حنظلة الأسدي رضي الله عنه قال كُنّا عندَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فوعظنا فذكر النار قال «ثم جئتُ إلى البيتِ فضاحكتُ الصبيانَ ولاعبتُ المرأةَ قال فخرجتُ فلقيتُ أبا بكر فذكرتُ ذلك له فقال وأنا قد فعلتُ مثلَ ما تذكُرُ فلقيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقلتُ يا رسولَ اللهِ نافقَ حنظلةُ فقال «مَهْ» فحدّثته بحديثٍ فقال أبو بكر وأنا قد فعلتُ مثلَ ما فعلَ فقال «يا حنظلةُ ساعةً وساعةً ولو كانت تكونُ قلوبُكم كما تكونُ عندَ الذكرِ لصافحتكم الملائكةُ حتّى تسلِّمَ عليكم في الطرقِ».
والذي نفهمُه مِنْ هذا الحديثِ أنَّ رؤية الناسِ للملائكةِ ممكنةٌ بشرطِ أن تكونَ قلوبُهم كقلوبِ الصحابة رضي الله عنهم حالَ استماعهم لموعظةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وإذا كان الصحابة رضي الله عنم ـ وهم في الإيمان في المحل الأعلى ـ لا يستطيعونَ الاستمرارَ على هذه الحالةَ فغيرُهم ممّن هو دونَهم من بابٍ أولى وعند ذهابِ الشرطِ يذهبُ المشروط فعُلِمَ أنَّ رؤيةَ الملائكةِ على صورتهم التي خلقهم الله عليها مستحيلةٌ للناس في الدنيا ولم تقع في هذه الأمة إلا لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم مرتين.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا سمعتُم صياحَ الديكةِ فاسألوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ فإنَّها رأتْ مَلَكاً وإذا سمعتُم نهيقَ الحمارِ فتعوّذوا باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ فإنّه رأى شيطاناً»، وفيه أنَّ الديكةَ ترى الملائكةَ ولا نعلمُ كيف تراها وبأيِّ صورةٍ تراها فنحنُ نقولُ كما جاءَ في الحديث والله أعلم.
ولقد طلبَ الكفّارُ من النبيِّ صلى الله عليه وسلم ايةً على صدقه وهي رؤيةُ الملائكةِ أو رؤيةُ اللهِ فأجابهم الله بقوله تعالى {وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلاَئِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْ عَتُوًّا كَبِيرًا *يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلاَئِكَةَ لاَ بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا *} الفرقان: 21 ـ 22.
وأمّا رؤيةُ الملائكةِ عليهم السلام في المنام فهي ممكنةٌ وقد وقعتْ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ورؤيا الأنبياء حق وقد عدّها العلماءُ مرتبةً من مراتب الوحي.
فمن حديث سَمرُةَ بنِ جُندب رضي الله عنه وفيه قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم «إنّه أتاني الليلةَ اتيانِ وإنّهما ابتعثاني وإنّهما قال لي انطلقْ وفيه انطلقنا فأتينا على
رجلٍ كريهٍ المرأة كأكرِهِ ما أنتَ راءٍ رجلاً مراةً فإذا عندَه نارٌ يحشُّها ويسعى حولَها قال في اخره وأمّا الرجلُ الكريهُ المرأة الذي عندَ النارِ يحشّها ويسعى حولها فإنّه مالكٌ خازِنُ جهنّم».
وقد رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم الملائكةَ هذه المرة بصورةِ الرجال أيضاً كما جاءَ ذلك مصرَّحاً به عند البخاريِّ في بابَ بَدْءِ الخلق وأنّه رأى جبريلَ وميكائيلَ ومالكاً بصورةِ رجالٍ.
ومن ذلك حديثُ عائشةَ رضي الله عنها قال قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم «رأيتُكِ قبل أنْ أتزوّجكِ مرتينِ رأيتُ المَلَكَ يحمِلُكِ في سرْقةِ حريرٍ فقلتُ له اكشفْ فكشفَ فإذا هِيَ أنتِ فقلتْ إنْ يَكُنْ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ يُمْضِهِ ثم رأيتُكِ يحمِلُكِ في سرْقةِ حريرٍ، فقلتُ اكشفْ فكشفَ فإذا هِيَ أنتِ، فقلتُ إنْ يكنْ هذا مِنْ عِندِ اللهِ يُمْضِهِ».
وقد وقعتْ رؤيةُ الملائكةِ في المنام لغيرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم كما في حديثِ عبدِ الله بنِ عمرَ رضي الله عنهما فرأيتُ في النومِ كأنَّ مَلَكيْنِ أخذاني فذهبا بي إلى النّارِ فإذا هي مطويةٌ كطيِّ البئرِ وإذا لها قرنانِ وإذا فيها أناسٌ قد عرفتُهم فجعلتُ أقول أعوذُ باللهِ مِنَ النّارِ قال فلقينا مَلَكَ اخرَ فقال لي لَمْ تُرَعْ فقصصتُها على حَفْصَةَ فقصّتها حفصةُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال «نِعْم الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ لَوْ كانَ يُصَلِّي مِنَ الليلِ» فكان بعدُ لا ينامُ من الليل إلاّ قليلاً.
وهذا الحديثُ يدلُّ على إمكانية رؤية الملائكة في حال النومِ لغيرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ولكنْ ينبغي أن يُعْلَمَ أنَّ هذه الرؤية ليستْ مصدرَ تشريعٍ، وإنّما هي كغيرِها إمّا مبشِّرات أو محذِّرات أو مِنْ وساوسِ النفس أمّا أَنْ تتخذَ مصدرَ تشريعٍ فهذا خطأٌ واضحٌ.
رابعاً: موت الملائكة:
قال تعالى {وَلاَ تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ} {الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ *} [القصص 88 وقال تعالى {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ *وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ *}[الرحمن 26 ـ 27.
يخبِرُ تعالى أنَّ جميعَ أهلِ الأرضِ سيذهبون ويموتون وكذلك أهلُ السماواتِ إلا ما شاء الله ولا يبقى أحدٌ سوى وجهه الكريم فإنّ الربَّ تعالى وتقدَّس لا يموتُ بل هو الحيُّ الذي لا يموتُ أبداً.
وقال تعالى {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ *} الزمر: 68.
فالملائكةُ تشملُهم الايةُ لأنّهم في السماءِ يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية هذه هي النفخةُ الثانيةُ وهي نفخةُ الصعقِ وهي التي يموتُ بها الأحياءَ من أهل السماوات والأرض إلاّ مَنْ شاء الله كما جاء مصرَّحاً به مفسّراً في حديث الصور المشهور ثم يقْبِضُ أرواحَ الباقين حتّى يكونَ آخر ُ مَنْ يموتُ ملكَ الموتِ وينفرد الحيُّ القيوم ـ الذي كان أولاً وهو الباقي آخراً ـ بالديمومةِ والبقاءِ ويقول لِمَن الملكُ اليوم؟ ثلاث مرّاتٍ ثم يجيبُ نفسَه بنفسِه فيقول للهِ الواحدِ القهار، فالملائكةُ مثلُ الإنسِ والجنِّ يموتون ويبعثون.
وهل يموتون قبل النفخ في الصور مثل الإنس والجن؟! َأم أنَّ موتهم يبدأ بالنفخِ في الصور؟
لم يردْ دليلٌ في هذا والأولى عدم الخوض فيه والله أعلم.

يمكنكم تحميل -سلسلة أركان الإيمان- كتاب الإيمان بالملائكة، انظر: الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي:
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/BookC170.pdf
 


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022