الرسالة المحمدية رسالة عالمية
الحلقة: الحادية والأربعون
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
ذو الحجة 1441 ه/ يوليو 2020
جاءت رسالةُ الإسلام عامةً إلى الثقلين: الإنس والجن ، وإلى الأبيض والأسود ، وهذه من الخصائص الكبرى المميّزة للإسلام ، فإن الرسالات السابقة كانت خاصةً بأمة معينة ، وتنقضي بزمان محدّد ، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [ابراهيم : 4]. وقال تعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ *} [فاطر : 24]. وأمّا خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم فقد خاطبه الله تعالى بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الاعراف : 158]. وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا *} [الفرقان : 1]. وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ : 28].
كما وصف القرانَ بأنّه: {بَلاَغٌ لِلنَّاسِ} [ابراهيم : 52] و {بَيَانٌ لِلنَّاسِ} [ال عمران: 138] و {هُدىً لِلنَّاسِ} [البقرة : 185].
كما ورد في الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم: «فُضِّلتُ على الأنبياء بستٍّ ، أُعْطِيْتُ جوامعَ الكلم ، ونُصِرْتُ بالرُّعبِ ، وأُحِلَّتْ لي الغنائمُ ، وجُعِلَتْ ليَ الأرضُ طهوراً ومسجداً ، وأُرْسِلْتُ إلى الخَلقِ كافةً ، وخُتِمَ بي النبيون».
ولا يتنافى مع هذا العموم ، أن يكون المخاطبون في بادأى الأمر هم العرب قومُ الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأن يبدأ بالإنذار بهم ، وقال تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ *}[الشعراء: 214] ، وقال تعالى: {وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} [الأنعام: 92] ، وأنْ يكونَ العربُ هم أداة التبليغ ، وأن تكون لغتُهم هي وسيلة ذلك: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ *} [الزخرف: 3] ، وأن يكون لهم بذلك ذكراً ومنزلةً ورفعةً: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ *} [الزخرف: 44].
ولذلك كانت لغتُهم التي نزل بها القران الكريم ، وأساليبُهم وعاداتُهم هي المرجعُ في فهم القران ومعرفة الإسلام ، لأنها روعيت في الخطابِ الذي وجّه إليهم بادأى ذي بدء.
وقد حمل العربُ هذه الرسالة إلى الناس كافةً ، لأنَّها الرسالةُ العالميةُ التي ارتضاها الله للبشرية جمعاء ، فالنوعُ البشريُّ بأجمعه مكلَّفٌ بالإيمان برسالة الإسلام وتصديقها واتباعها ، فلا يحقُّ لأحد بَلَغَتْهُ رسالةُ الإسلام أن يدينَ بغيره ، قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ *} [ال عمران: 85] ، وقال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ} [ال عمران: 19]
مراجع البحث:
علي محمد الصلابي، الإيمان بالرسل والرسالات، دار ابن كثير، بيروت،ص 277-278.
عبد القادر خليل ملكاوي، عقيدة التوحيد في القرآن الكريم، مكتبة دار الزمان الطبعة: الأولى 1405هـ - 1985م ص 254
يمكنكم تحميل -سلسلة أركان الإيمان- كتاب:
الإيمان بالرسل والرسالات
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/Book94(1).pdf