الأحد

1446-06-21

|

2024-12-22

مقتل عثمان بن عفَّان رضي الله عنه

الحلقة الخمسون

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

جمادى الأولى 1441 ه/ يناير 2020 م

كتاب معاوية إلى عثمان رضي الله عنهما بشأن أهل الفتنة من الكوفة :
كتب معاوية إلى عثمان رضي الله عنهما قائلاً : بسم الله الرحمن الرحيم ، لعبد الله عثمان أمير المؤمنين من معاوية بن أبي سفيان ، أما بعد يا أمير المؤمنين ، فإنك بعثت إليَّ أقواماً يتكلمون بألسنة الشياطين وما يُملون عليهم ، ويأتون النَّاس ـ زعموا ـ من قِبَل القرآن فيشبهون على الناس ، وليس كل النَّاس يعلم ما يريدون ، وإنما يريدون فرقة ، ويقربون فتنة ، قد أثقلهم الإسلام وأضجرهم ، وتمكنت رُقَى الشيطان من قلوبهم ، فقد أفسدوا كثيراً من النَّاس ممن كانوا بين ظهرانيهم من أهل الكوفة ، ولست امن إن أقاموا وسط أهل الشام أن يغروهم بسحرهم وفجورهم فارددهم إلى مصرهم ، فلتكن دارهم في مصرهم الّذي نجم فيه نفاقهم.
خامساً : رجوع أهل الفتنة إلى الكوفة ثم نفيهم إلى الجزيرة :
كتب عثمان إلى سعيد بن العاص بالكوفة ، فردَّهم إليه ، فلم يكونوا إلا أطلق ألسنة منهم حين رجعوا ، وكتب سعيد إلى عثمان يضجُّ منهم ، فكتب عثمان إلى سعيدٍ أن سيِّرهم إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، وكان أميراً على حمص، فلمَّا وصلوا إلى عبد الرَّحمن بن خالد بن الوليد ، استدعاهم ، وكلَّمهم كلاماً شديداً ، وكان ممَّا قاله لهم : يا ألة الشيطان ! لا مرحباً بكم ، ولا أهلاً ! لقد رجع الشَّيطان محسوراً خائباً ، وأنتم ما زلتم نشيطين في الباطل ! خَسَّرَ الله عبد الرحمن إن لم يؤدِّبكم ، ويُخزِكم ! يا معشر من لا أدري من أنتم ! أعربٌ ، أم عجمٌ ؟ لن تقولوا لي كما كنتم تقولون لسعيد ومعاوية ، أنا ابن خالد بن الوليد ، أنا ابن من قد عجَمْته العاجمات ، أنا ابنُ فاقأ الرِّدَّة، والله لأذلَّنكم ! وأقامهم عبد الرحمن بن خالد عنده شهراً كاملاً ، وعاملهم بمنتهى الحزم ، والشِّدَّة ، ولم يَلِن معهم كما لان سعيدٌ ، ومعاوية ، وكان إذا مشى مشوا معه ، وإذا ركب ركبوا معه ، وإذا غزا غزوا معه، وكان لا يدع مناسبةً إلا ويذلُّهم فيها ، وكان إذا قابل زعيمهم ( صعصعة بن صوحان ) يقول له : يا بن الخطيئة ! هل تعلم أنَّ من لم يصلحه الخير أصلحه الشَّرُّ، وأن من لم يصلحه اللِّين أصلحته الشدَّة ؟ وكان يقول لهم : لماذا لا تردُّون عليَّ ، كما كنتم تردُّون على سعيد في الكوفة ، وعلى معاوية بالشَّام ؟ لماذا لا تخاطبوني ، كما كنتم تخاطبونهما؟
ونفع معهم أسلوب عبد الرَّحمن بن خالدٍ ، وأخرسهم حزمه ، وشدَّته ، وقسوته، وأظهروا له التَّوبة ، والنَّدم . وقالوا له : نتوب إلى الله ، ونستغفره ، أَقِلْنَا أقالك الله ! وسامحنا سامحك الله ! بقي القوم في الجزيرة عند عبد الرَّحمن بن خالدٍ ، وأرسل عبد الرَّحمن أحد زعمائهم وهو الأشتر النَّخعي إلى عثمان ليخبره بتوبتهم ، وصلاحهم ، وتراجعهم عمَّا كانوا عليه من الفتنة ، فقال عثمان للأشتر : احلُل أنت ومن معك حيث شئتم ، فقد عفوت عنكم . قال الأشتر : نريد أن نبقى عند عبد الرَّحمن بن خالد بن الوليد ، وذكر من فضل عبد الرحمن ، وحزمه ، فأقاموا عند عبد الرَّحمن في الجزيرة مدَّةً ، أظهروا فيها التَّوبة ، والاستقامة ، والصَّلاح، وسكت أصحاب الفتنة في الكوفة إلى حينٍ ، وكان هذا في شهور سنة ثلاثٍ وثلاثين، بعدما تمَّ نفي رؤوس الفتنة إلى معاوية في الشَّام ، ثمَّ إلى عبد الرَّحمن بن خالد ، فرأى أصحاب الفتنة في الكوفة أنَّ المصلحة تقتضي أن يسكتوا إلى حينٍ.

1ـ أهل الفتنة بالبصرة يفترون على أشجِّ عبد القيس :
أمَّا أهل الفتنة بالبصرة بزعامة حكيم بن جبلة ، فقد كانوا ضدَّ أهل الفضل فيها، وتآمروا ، وكذبوا عليهم ، وكان من أفضل ، وأتقى أهل البصرة ( أشجُّ عبد القيس) واسمه عامر بن عبد القيس ، وكان زعيماً لقومه ، وقد وفد على رسول الله (ﷺ) ، وتعلَّم منه ، ومدحه رسول الله (ﷺ) بقوله : « إنَّ فيك خصلتين يحبُّهما الله ، ورسوله: الحلم ، والأناة ». وكان عامر بن عبد القيس من قادة الجهاد في القادسيَّة ، وغيرها ، وكان مقيماً في البصرة ، وكان على قسطٍ كبيرٍ من الصَّلاح ، والتَّقوى ، فكذب الخارجون عليه ، واتَّهموه بالباطل ، فسيَّره عثمان إلى معاوية بالشَّام ، ولمَّا كلَّمه معاوية رضي الله عنه ، وعامله ، عرف براءته ، وصدقه ، وكَذِبَ الخوارج ، وافتراءهم عليه ، وكان الّذي تولى الكذب على عامر ابن عبد القيس هو ( حمران بن أبان ) وهو رجلٌ عاصٍ بدون دينٍ ، حيث تزوَّج امرأة في أثناء عدَّتها ! ولما علم عثمان بذلك ؛ فرَّق بينهما ، وضربه ، ونكَّل به لمعصيته ، ونفاه إلى البصرة ، وهناك التقى مع زعيم السَّبئيِّين فيها ، اللِّصِّ حكيم ابن جبلة.
2ـ ابن سبأ يحدِّد سنة أربع وثلاثين للهجرة للتَّحرُّك :
وفي سنة أربع وثلاثين ـ السَّنة الحادية عشرة من خلافة عثمان ـ أحكم عبد الله بن سبأ اليهوديُّ خطَّته ، ورسم مؤامراته ، ورتَّب مع جماعته السَّبئيِّين الخروج على الخليفة ، وولاته ، فقد اتَّصل ابن سبأ اليهوديُّ من وكر مؤامرته في مصر بالشَّياطين من حزبه في البصرة ، والكوفة ، والمدينة ، واتَّفق معهم على تفاصيل الخروج ، وكاتبهم ، وكاتبوه ، وراسلهم ، وراسلوه ، وكان ممَّن كاتبهم ، وراسلهم السَّبئيُّون في الكوفة ، وقد كانوا بضعة عشر رجلاً منهم منفيين في الشَّام ، ثمَّ في الجزيرة عند عبد الرَّحمن بن خالد بن الوليد ، وبعد نفي أولئك الخارجين ، كان زعيم السَّبئيِّين الحاقدين في الكوفة يزيد بن قيس، وقد خلت الكوفة في سنة أربع وثلاثين من وجوهها ، وأشرافها ؛ لأنَّهم توجَّهوا للجهاد في سبيل الله ، ولم يبق إلا الرُّعاع ، والغوغاء ، الذين أثَّر فيهم السَّبئيُّون والمنحرفون ، وشحنوهم بأفكارهم الخبيثة ، وهيَّجوهم ضدَّ والي عثمان على الكوفة سعيد بن العاص رضي الله عنه.
3ـ أوضاع أهل الكوفة عند تحرُّك أهل الفتنة :
قال الطَّبريُّ عن أوضاع الكوفة سنة أربع وثلاثين : وفد سعيد بن العاص إلى عثمان في سنة إحدى عشرة من إمارة عثمان ، وقد بعث سعيدٌ قبل خروجه الأشعث ابن قيس إلى أذربيجان ، وسعيد بن قيس إلى الرَّيِّ ، والنُّسير العجليَّ إلى همذان ، والسَّائب بن الأقرع إلى أصبهان ، ومالك بن حبيب إلى ماه ، وحكيم بن سلامة إلى الموصل ، وجرير بن عبد الله إلى قرقيسيا ، وسلمان بن ربيعة إلى الباب ، وعُتَيبة بن النَّهاس إلى حلوان ، وجعل على الحرب القعقاع بن عمرو التَّميميَّ ، وكان نائبه بعد خروجه عمرو بن حُريث ، وبذلك خلت الكوفة من الوجوه والرُّؤساء ، ولم يبق فيها إلا منزوعٌ ، أو مفتونٌ، وفي هذا الجوِّ خرج زعيم السَّبئيِّين في الكوفة ( يزيد بن قيس) بعد اتِّفاقٍ مع شيطانه ابن سبأ في مصر ، وخرج معه أهل الفتنة الّذين انضموا إلى جمعية ابن سبأ السِّريَّة ، والغوغاء الّذين تأثَّروا بها.

4ـ القعقاع بن عمرو التَّميميُّ يقضي على التَّحرُّك الأوَّل :
خرج يزيد بن قيس في الكوفة ، وهو يريد خَلْع عثمان ، فدخل المسجد ، وجلس فيه ، وتجمَّعَ عليه في المسجد السَّبئيُّون ، الّذين كان ابن السَّوداء يكاتبهم من مصر، ولمَّا تجمع الخارجون في المسجد ، علم بأمرهم القعقاع بن عمرو أمير الحرب ، فألقى القبض عليهم ، وأخذ زعيمهم يزيد بن قيس معه ، ولمَّا رأى يزيد شدَّة القعقاع، ويقظته ، وبصيرته ؛ لم يجاهره بهدفهم ، وخطَّتهم في الخروج على الخليفة عثمان ، وخلعه ، وأظهر له أنَّ كل ما يريده هو وجماعته عزل الوالي سعيد ابن العاص ، والمطالبة بوالٍ آخر مكانه ، فاستُجيب لطلبهم ، ولذلك أطلق القعقاع سراح الجماعة ؛ لمَّا سمع كلام يزيد ، ثمَّ قال ليزيد : لا تجلس لهذا الهدف في المسجد ، ولا يجتمع عليك أحدٌ ، واجلس في بيتك ، واطلب ما تريد من الخليفة ، وسيحقِّق لك ذلك.
5ـ يزيد بن قيس يكاتب أهل الفتنة عند عبد الرحمن بن خالد :
جلس يزيد بن قيس في بيته ، واضطرَّ إلى تعديل خطَّته في الخروج ، والفتنة ، واستأجر هذا السَّبئيُّ ( يزيد بن قيس ) رجلاً ، وأعطاه دراهم ، وبغلاً ، وأمره أن يذهب بسرعة ، وكتمانٍ إلى السَّبئيين من أهل الكوفة الّذين نفاهم عثمان بن عفَّان إلى الشَّام ، ثم إلى الجزيرة ، وهم مقيمون عند عبد الرَّحمن بن خالد بن الوليد هناك، وقد أظهروا له التَّوبة ، والنَّدم ، وقال يزيد لإخوانه الشَّـياطين في كتابه : إذا وصلكم كتابي هذا فلا تضعوه من أيديكم ، حتَّى تأتوا إليَّ ، فقد راسلنا إخواننا في مصر ـ وهم السَّبئيِّون هناك ـ واتفقنا معهم على الخروج ، ولمَّا قرأ الأشتر كتاب وصاح يزيد بن قيس في الغوغاء ، والرُّعاع داخل المسجد وخارجه ، وقال : إنِّي خارج إلى طرق المدينة ، لأمنع سعيد بن العاص من دخول الكوفة ، ومن شاء أن يخرج معي لمنع سعيد من الدُّخول ، والمطالبة بوالٍ مكانه ؛ فليفعل . فاستجاب لندائه السَّبئيُّون والرُّعاع، وخرج معه حوالي ألف منهم.
6ـ القعقاع بن عمرو يرى قتل قادة أهل الفتنة :
لمَّا خرج السَّبئيُّون ، والغوغاء طلباً للفتنة ، والتمرُّد ، وإحداث القلاقل ، بقي في المسجد وجوه المسلمين ، وأشرافهم ، وحلماؤهم ، فصعد المنبر نائب الوالي عمرو بن حُريث ، وطالب المسلمين بالأخوَّة ، والوحدة ، ونهاهم عن التَّفرُّق ، والاختلاف ، والفتنة ، والخروج ، ودعاهم إلى عدم الاستجابة للخارجين ، والمتمرِّدين، قال القعقاع بن عمرو : أتردُّ السَّيل عن عبابه ، فاردد الفرات عن أدراجه ، هيهات ! لا والله لا تُسكِّن الغوغاء إلا المشرفيَّة ، ويوشك أن تُنْتضى ، ثمَّ يعجُّون عجيج العتدان، ويتمنَّون ماهم فيه ، فلا يرده عليهم أبداً ، فاصبر ، فقال : أصبر ، وتحوَّل إلى منزله.
7ـ أهل الفتنة يمنعون سعيد بن العاص من دخول الكوفة :
سار يزيد بن قيس ومعه الأشتر النَّخعي بالألف من الخارجين إلى مكان على طريق المدينة ، يسمَّى ( الجَرَعَة ) ، وبينما كانوا معسكرين في الجرعة ، طلع عليهم سعيد بن العاص عائداً من عند عثمان ، فقالوا له : عُد من حيث أتيت ، ولا حاجة لنا بك ، ونحن نمنعك من دخول الكوفة ، وأخبرْ عثمان : أنَّنا لا نريد والياً علينا ، ونريد من عثمان أن يجعل أبا موسى الأشعريَّ والياً مكانك ، قال لهم سعيد: لماذا خرجتم ألفاً لتقولوا لي هذا الكلام ؟ كان يكفيكم أن تبعثوا رجلاً إلى أمير المؤمنين بطلبكم ، وأن توقفوا لي رجلاً في الطَّريق ليخبرني بذلك ، وهل يخرج ألف رجلٍ لهم عقول لمواجهة رجلٍ واحدٍ؟ رأى سعيد بن العاص: أنَّ من الحكمة عدم مواجهتهم، وعدم تأجيج نار الفتنة، بل محاولة إخمادها، أو تأجيل اشتعالها على الأقلِّ، وهذا رأي أبي موسى الأشعريِّ، وعمرو بن حريث ، والقعقاع بن عمرو في الكوفة، وعاد سعيد بن العاص إلى عثمان وأخبره خبر القوم الخوارج. قال له عثمان : ماذا يريدون ؟ هل خلعوا يداً من طاعةٍ ؟ وهل خرجوا على الخليفة؟ وأعلنوا عدم طاعتهم له ؟ قال له سعيد : لا ، لقد أظهروا أنَّهم لا يريدونني والياً عليهم ، ويريدون والياً اخر مكاني . قال له عثمان : من يريدون والياً ؟ قال سعيد بن العاص : يريدون أبا موسى الأشعريَّ . قال عثمان : قد عيَّنا ، وأثبتنا أبا موسى والياً عليهم ، ووالله لن نجعل لأحدٍ عُذراً ، ولن نترك لأحدٍ حُجَّة ، ولنصبرنَّ عليهم كما هو مطلوب منَّا ، حتَّى نعرف حقيقة ما يريدون ، وكتب عثمان إلى أبي موسى بتعيينه والياً على الكوفة.
وقبل وصول كتاب عثمان رضي الله عنه بتعيين أبي موسى والياً ، كان في مسجد الكوفة بعض أصحاب رسول الله (ﷺ) ، وقد حاولوا ضبط الأمور ، وتهدئة العامَّة ، ولكنَّهم لم يتمكَّنوا من ذلك ؛ لأنَّ السَّبئيِّين ، والحاقدين سيطروا على الرُّعاع ، والغوغاء ، وهيَّجوهم ، فلم يعودوا يسمعون صوت عقلٍ ، أو منطقٍ ، وكان في مسجد الكوفة وقت التمرُّد والفتنة اثنان من أصحاب رسول الله (ﷺ) ، هما حذيفة بن اليمان، وأبو مسعودٍ عقبة بن عمرو الأنصاريُّ البدريُّ ، وكان أبو مسعود غاضباً لتمرُّد ، وثورة الرُّعاع ، وخروجهم إلى الجرعة ، وعزلهم الوالي سعيد ، وعصيانهم له ، وهي أوَّل مرَّةٍ تحصل ، بينما كان حذيفة بعيد النَّظر ، يتعامل مع الحدث بموضوعيَّةٍ ، وتفكيرٍ.
قال أبو مسعود لحذيفة : لن يعودوا من الجرعة سالمين ، وسيرسل الخليفة جيشاً لتأديبهم ، وستسفك فيها دماءٌ كثيرةٌ ، فردَّ عليه حذيفة قائلاً : والله سيعودون إلى الكوفة، ولن يكون هناك اشتباكٌ أو حربٌ ، ولن تسفك هناك دماءٌ ، وما أعلم من هذه الفتن اليوم شيئاً ، إلا وقد علمته من رسول الله (ﷺ) وهو حيٌّ ، حيث أخبرنا عن هذه الفتن الّتي نراها اليوم قبل وفاته ، ولقد أخبرنا رسول الله (ﷺ): «أنَّ الرَّجل يصبح على الإسلام ، ثمَّ يمسي ، وليس معه من الإسلام شيءٌ، ثمَّ يقاتل المسلمين، فيرتدُّ، وينكصُ قلبه، ويقتله الله غداً» وسيكون هذا فيما بعد.
لقد كان حذيفة بن اليمان رضي الله عنه متخصِّصاً في علم الفتن، وتعامل مع فتن السَّبئيِّين في الكوفة، وغيرها، وفق ما سمعه، وعلمه من رسول الله (ﷺ)، واستحضر ما حفظه من تلك الأحاديث، ففهم حقيقة ما يجري حوله، ولم يستبعده، ولم يستغربه، وحاول الإصلاح ما أمكنه.

8 ـ أبو موسى الأشعري يهدِّىء الأمور ، وينهى عن العصيان :
قام أبو موسى الأشعريُّ رضي الله عنه بتهدئة الأمور ، ونهى النَّاس عن العصيان. وقال لهم : أيها النَّاس ! لا تخرجوا في مثل هذه المخالفة ، ولا تعودوا لمثل هذا العصيان ، الزموا جماعتكم ، والطَّاعة ، وإيَّاكم والعجلة ، اصبروا ، فكأنَّكم بأميرٍ. فقالوا: فصلِّ بنا، قال: لا، إلا على السَّمع ، والطَّاعة لعثمان بن عفَّان ، قالوا : على السَّمع ، والطَّاعة لعثمان.
وما كانوا صادقين في ذلك ، لكنَّهم كانوا يخفون أهدافهم الحقيقيَّة عن الآخرين، وكان أبو موسى يصلِّي بالنَّاس إلى أن جاءه كتاب عثمان بتعيينه والياً على الكوفة ، ولمَّا هدأت الأمور في الكوفة إلى حينٍ ، في سنة أربع وثلاثينٍ ؛ عاد حذيفة بن اليمان إلى أذربيجان والباب يقود جيوش الجهاد هناك ، وعاد العمَّال ، والولاة إلى أعمالهم في مناطق فارس.

يمكن النظر في كتاب تيسير الكريم المنَّان في سيرة أمير المؤمنين
عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه، شخصيته وعصره
على الموقع الرسمي للدكتور علي محمّد الصّلابيّ
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/BookC171.pdf


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022