الشورى وانعقاد الإجماع على عثمان رضي الله عنه
بقلم الدكتور علي الصلابي
الحلقة العاشرة
ربيع الآخر 1441ه/ديسمبر2019م
1ـ اجتماع الرَّهط للمشاورة :
لم يكد يفرغ النَّاس من دفن عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه حتَّى أسرع رهط الشُّورى وأعضاء مجلس الدَّولة الأعلى إلى الاجتماع في بيت عائشة أمِّ المؤمنين رضي الله عنها وقيل : إنَّهم اجتمعوا في بيت فاطمة بنت قيس الفهريَّة أختِ الضَّحاك ابن قيس ؛ ليقضوا في أعظم قضيَّةٍ عرضت في حياة المسلمين ـ بعد وفاة عمر ـ وقد تكلَّم القوم ، وبسطوا أراءهم ، واهتدوا بتوفيق الله إلى كلمةٍ سواء ، رضيها الخاصَّة ، والكافَّة من المسلمين.
2ـ عبد الرحمن يدعو إلى التنازل :
عندما اجتمع أهل الشُّورى قال لهم عبد الرَّحمن بن عوف : اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم . فقال الزُّبير : جعلت أمري إلى عليٍّ . وقال طلحة : جعلت أمري إلى عثمان . وقال سعد : جعلت أمري إلى عبد الرَّحمن بن عوف . وأصبح المرشَّحون ثلاثةً ، عليَّ بن أبي طالب ، وعثمانَ بن عفان ، وعبدَ الرحمن بن عوف . فقال عبدُ الرحمن : أيكما تبرَّأ من هذا الأمر ، فنجعله إليه ، والله عليه والإسلام لينظرنَّ أفضلهم في نفسه ، فأسكت الشَّيخان . فقال عبد الرحمن بن عوف : أفتجعلونه إليَّ والله عليَّ أن لا ألو عن أفضلكما ؟ قالا : نعم!.
3ـ تفويض ابن عوف بإدارة عمليَّة الشُّورى :
بدأ عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه اتصالاته ، ومشاوراته فور انتهاء اجتماع المرشَّحين السِّتَّة صباح يوم الأحد ، واستمرَّت مشاوراته ، واتِّصالاته ثلاثة أيامٍ كاملة ، حتَّى فجر يوم الأربعاء الرَّابع من المحرم ، وهو موعد انتهاء المهلة الّتي حدَّدها لهم عمر ، وبدأ عبد الرَّحمن بعليِّ بن أبي طالبٍ ، فقال له : إن لم أبايعك فأشر عليَّ ، فمن ترشح للخلافة ؟ قال عليٌّ : عثمان بن عفَّان ، وذهب عبد الرَّحمن إلى عثمان ، وقال له : إن لم أبايعك ، فمن ترشِّح للخلافة ؟ فقال عثمان : عليَّ بن أبي طالب ... وذهب ابن عوف بعد ذلك إلى الصَّحابة الأخرين ، واستشارهم ، وكان يشاور كلَّ من يلقاه في المدينة من كبار الصَّحابة ، وأشرافهم ، ومن أمراء الأجناد ، ومن يأتي للمدينة ، وشملت مشاوراته النِّساء في خدورهنَّ ، وقد أبدَيْنَ رأيهن ، كما شملت الصِّبيان ، والعبيد في المدينة .
وكانت نتيجة مشاورات عبد الرَّحمن بن عوف : أنَّ معظم المسلمين كانوا يشيرون بعثمان بن عفَّان ، ومنهم من كان يشير بعليِّ بن أبي طالب رضي الله عنهما، وفي منتصف ليلة الأربعاء ، ذهب عبد الرحمن بن عوف : إلى بيت ابن أُخته : المسور بن مخرمة ، فطرق البيت ، فوجد المسور نائماً، فضرب الباب حتَّى استيقظ، فقال : أراك نائماً ، فوالله ما اكتحلت هذه اللَّيلة بكبير نوم ! انطلق فادع الزُّبير ، وسعداً. فدعوتهما له : فشاورهما ثمَّ دعاني ، فقال : ادع لي عليّاً ، فدعوته ، فناجاه حتَّى ابهارَّ اللَّيل ، ثمَّ قام عليٌّ من عنده ... ثم قال : ادع لي عثمان ، فدعوته فناجاه حتَّى فرَّق بينهما المؤذِّن بالصُّبح .
4ـ الاتفاق على بيعة عثمان :
وبعد صلاة صبح يوم البيعة ( اليوم الأخير من شهر ذي الحجة 23 هـ/6 نوفمبر 644م ) وكان صهيب الرُّومي الإمام ، إذ أقبل عبد الرَّحمن بن عوف ، وقد اعتمَّ بالعمامة الّتي عمَّمه بها رسول الله (ص) ؛ وكان قد اجتمع رجال الشُّورى عند المنبر، فأرسل إلى من كان حاضراً من المهاجرين ، والأنصار ، وأمراء الأجناد ، منهم : معاوية أمير الشَّام ، وعمير بن سعد أمير حمص، وعمرو بن العاص أمير مصر، وكانوا وافوا تلك الحجة مع عمر، وصاحبوه إلى المدينة.
وجاء في رواية البخاريِّ : ( ... فلمَّا صلَّى للنَّاس الصُّبح ، واجتمع أولئك الرَّهط عند المنبر ، فأرسل إلى من كان حاضراً من المهاجرين ، والأنصار ، وأرسل إلى أمراء الأجناد ، وكانوا وافوا تلك الحجَّة مع عمر ، فلمَّا اجتمعوا ؛ تشهَّد عبد الرحمن ، ثمَّ قال : أمَّا بعد : يا عليُّ ! إنِّي قد نظرت في أمر النَّاس ، فلم أرهم يعدلون بعثمان ، فلا تجعل على نفسك سبيلاً . فقال : أبايعك على سنَّة الله ، ورسوله ، والخليفتين من بعده . فبايعه النَّاس : المهاجرون ، والأنصار ، وأمراء الأجناد ، والمسلمون. وجاء في رواية صاحب التَّمهيد ، والبيان : أنَّ عليَّ بن أبي طالب أوَّل من بايع بعد عبد الرَّحمن بن عوف.
5ـ حكمة عبد الرحمن بن عوف في تنفيذ خطَّة الشُّورى :
نفَّذ عبد الرحمن بن عوف خطَّة الشُّورى بما دلَّ على شرف عقله ، ونبل نفسه، وإيثاره مصلحة المسلمين العامَّة على مصلحته الخاصَّة ، ونفعه الفردي ، وترك عن طواعيةٍ ورضاً أعظم منصبٍ يطمح إليه إنسان في الدُّنيا ، ليجمع كلمة المسلمين ، وحقَّق أوَّل مظهر من مظاهر الشُّورى المنظَّمة في اختيار مَنْ يجلس على عرش الخلافة ، ويسوس أمور المسلمين ؛ فهو قد اصطنع من الأناة ، والصَّبر، والحزم ، وحسن التَّدبير ما كفل له النَّجاح في أداء مهمَّته العظمى ، وقد كانت الخطوات الّتي اتخذها كالآتي :
أ ـ بسط برنامجه في أوَّل جلسةٍ عقدها مجلس الشُّورى في دائرة الزَّمن الّذي حدَّده لهم عمر ؛ وبذلك أمكنه أن يحمل جميع أعضاء مجلس الشُّورى على أن يُدلوا برأيهم؛ فعرف مذهب كلِّ واحدٍ منهم ، ومرماه ، فسار في طريقه على بيِّنةٍ من أمره .
ب ـ وخلع نفسه ، وتنازل عن حقِّه في الخلافة ؛ ليدفع الظُّنون ، ويستمسك بعروة الثِّقة الوثقى .
ج ـ أخذ في تعرُّف نهاية ما يصبو إليه كلُّ واحدٍ من أصحابه ، وشركائه في الشُّورى ، فلم يزل يقلِّب وجوه الرَّأي معهم ، حتَّى انتهى إلى شبه انتخابٍ جزئيٍّ ، فاز فيه عثمان برأي سعد بن أبي وقَّاص ، ورأي الزُّبير بن العوام ، فلاحت له أغلبية أراء الأعضاء الحاضرين معه .
د ـ عمد إلى معرفة كلِّ واحد من الإمامين : عثمان ، وعليٍّ في صاحبه بالنِّسبة إلى وزنه من سائر الرَّهط الّذين رشَّحهم عمر ، فعرف من كلِّ واحدٍ منهما : أنَّه لا يعدل صاحبه أحداً ، إذا فاته الأمر .
و ـ أخذ في تعرُّف رأي مَنْ وراء مجلس الشُّورى من خاصَّة الأمَّة ، وذوي رأيها، ثمَّ من عامَّتها، وضعفائها، فرأى أنَّ معظم النَّاس لا يعدلون أحداً بعثمان ، فبايع له ، وبايعه عامَّة النَّاس.
لقد تمكَّن عبد الرحمن بن عوف بكياسته ، وأمانته ، واستقامته ، ونسيانه نفسه بالتَّخلِّي عن الطَّمع في الخلافة ، والزُّهد بأعلى منصبٍ في الدَّولة أن يجتاز هذه المحنة، وقاد ركب الشُّورى بمهارةٍ ، وتجرُّدٍ ممَّا يستحقُّ أعظم التَّقدير.
قال الذَّهبي : ومن أفضل أعمال عبد الرَّحمن عزلُه نفسه من الأمر وقت الشُّورى، واختياره للأمَّة مَنْ أشار به أهل الحلِّ ، والعقد ، فنهض في ذلك أتمَّ نهوض على جمع الأمَّة على عثمان ، ولو كان محابياً فيها، لأخذها لنفسه، أو لولاها ابن عمِّه وأقرب الجماعة إليه سعد بن أبي وقَّاص.
وبهذا تحقَّقت صورةٌ أخرى من صور الشُّورى في عهد الخلفاء الرَّاشدين: وهي الاستخلاف عن طريق مجلس الشُّورى ؛ ليعيِّنوا أحدهم بعد أخذ المشورة العامَّة ، ثمَّ البيعة العامَّة.
أباطيل إماميَّة دُسَّت في قصَّة الشُّورى :
هناك أباطيل كثيرة ، وأكاذيب للأعداء دُسَّت في التَّاريخ الإسلاميِّ ، منها في قصَّة الشُّورى ، وتولية عثمان الخلافة ، وقد تلقَّفها المستشرقون ، وقاموا بتوسيع نشرها ، وتأثَّر بها الكثير من المؤرِّخين ، والمفكِّرين المحدثين ، ولم يمحِّصوا الرِّوايات ، ويحقِّقوا في سندها ، ومتنها ، فانتشرت بين المسلمين .
لقد وردت روايات باطلة حول قصة الشُّورى ، وتولية عثمان بن عفَّان الخلافة ودُسَّتْ فيها الأباطيل ، والأكاذيب ، وألَّف جماعةٌ كتباً خاصَّةً ، فقد ألف أبو مخنف كتاب الشُّورى ، وكذلك ابن عقدة ، وابن بابويه، ونقل ابن سعد تسع روايات من طريق الواقديِّ في خبر الشُّورى ، وبيعة عثمان ، وتاريخ تولِّيه للخلافة ، وروايةً من طريق عبيد الله بن موسى تضمَّنت مقتل عمر ، وحصره للشُّورى في السِّتَّة ووصيته لكلٍّ من عليٍّ ، وعثمان إذا تولَّى أحدهما أمر الخلافة ، ووصيته لصهيبٍ في هذا الأمر.
وقد نقل البلاذري خبر الشُّورى ، وبيعة عثمان عن أبي مخنف، وعن هشام الكلبي، منها ما نقله عن أبي مخنف ، ومنها ما تفرَّد به، وعن الواقدي، وعن عبيد الله بن موسى، واعتمد الطَّبريُّ في هذه القصَّة على عدَّة روايات منها رواية أبي مخنفٍ، ونقل ابن أبي الحديد بعض أحداث قصَّة الشُّورى من طريق أحمد بن عبد العزيز الجوهريِّ، وأشار إلى نقله عن كتاب ( الشُّورى ) للواقديِّ، وقد تضمَّنت الرِّوايات الشيعيَّة عدَّة أمورٍ مدسوسةٍ ليس لها دليلٌ من الصِّحَّة ، وهي:
1ـ اتِّهام الصَّحابة بالمحاباة في أمر المسلمين :
اتَّهمت الرِّوايات الشِّيعيَّة الصَّحابة بالمحاباة في أمر المسلمين ، وعدم رضا عليٍّ بأن يقوم عبد الرَّحمن باختيار الخليفة ، فقد ورد عند أبي مخنف ، وهشام الكلبيِّ عن أبيه ، وأحمد الجوهريِّ : أنَّ عمر جعل ترجيح الكفَّتين إذا تساوتا بعبد الرحمن بن عوف ، وأنَّ علياً أحسَّ بأن الخلافة ذهبت منه ؛ لأنَّ عبد الرحمن سيقدِّم عثمان للمصاهرة الّتي بينهما، وقد نفى ابن تيميَّة أيَّ ارتباط في النَّسب القريب بين عثمان ، وعبد الرحمن فقال : فإنَّ عبد الرحمن ليس أخاً لعثمان ، ولا ابن عمِّه ، ولا من قبيلته أصلاً ، بل هذا من بني زهرة وهذا من بني أميَّة ، وبنو زهرة إلى بني هاشم أكثر ميلاً منهم إلى بني أميَّة ، فإنَّ بني زهرة أخوال النَّبيِّ (ص) ، ومنهم عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقَّاص الّذي قال له النبي (ص) : « هذا خالي فليرني امرؤ خاله ». فإنَّ النَّبيّ (ص) لم يؤاخ بين مهاجريٍّ ، ومهاجريٍّ ، ولا بين أنصاريٍّ وأنصاريٍّ ، وإنَّما آخى بين المهاجرين ، والأنصار ، فآخى بين عبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن الرَّبيع الأنصاري، وحديثه مشهورٌ ثابتٌ في الصِّحاح ، وغيرها ، يعرفه أهل العلم بذلك.
وقد بنت الرِّوايات الشِّيعيَّة محاباة عبد الرَّحمن لعثمان للمصاهرة الّتي كانت بينهما ، متناسيةً ، أنَّ قوَّة النَّسب أقوى من المصاهرة من جهةٍ ، ومن جهةٍ أخرى تناسوا طبيعة العلاقة بين المؤمنين في الجيل الأوَّل ، وأنَّها لا تقوم على نسبٍ ولا مصاهرة ، وأمَّا كيفية المصاهرة الّتي كانت بين عبد الرحمن ، وعثمان ؛ فهي أنَّ عبد الرحمن تزوَّج أمَّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط أخت الوليد.
2ـ حزبٌ أمويٌّ ، وحزبٌ هاشميٌّ :
أشارت رواية أبي مخنف إلى وقوع مشادَّةٍ بين بني هاشم ، وبني أميَّة أثناء المبايعة ؛ وهذا غير صحيح ، ولم يرد ذلك بروايةٍ صحيحةٍ ، ولا ضعيفةٍ، وقد انساق بعض المؤرِّخين خلف الرِّوايات الشِّيعيَّة الإماميَّة ، وبنوا تحليلاتهم الخاطئة على تلك الرِّوايات ، فصوَّروا تشاور أصحاب الرَّسول (ص) في تحديد الخليفة الجديد بصورة الخلاف العشائريِّ ، وأنَّ النَّاس قد انقسموا إلى حزبين : حزب أمويٍّ ، وحزب هاشميٍّ، وهو تصوُّر موهومٌ ، واستنتاجٌ مردودٌ لا دليل عليه ؛ إذ أنَّه ليس نابعاً من ذلك الجوِّ الّذي كان يعيشه أصحاب رسول الله حينما كان يقف المهاجريُّ مع الأنصاريِّ ضدَّ أبيه ، وأخيه ، وابن عمِّه وبني عشيرته ، وليس نابعاً من تصوُّر هؤلاء الصَّحب وهم يضحُّون بكلِّ شيءٍ من حطام الدُّنيا في سبيل أن يسلم لهم دينهم ، ولا من المعرفة الصَّحيحة لهؤلاء النُّخبة من المبشَّرين بالجنَّة ، فالأحداث الكثيرة الّتي رويت عن هؤلاء تثبت : أنَّ هؤلاء كانوا أكبر بكثيرٍ من أن ينطلقوا من هذه الزَّاوية الضَّيِّقة في معالجة أمورهم ، فليست القضيَّة قضيَّة تمثيلٍ عائليٍّ ، أو عشائريٍّ ، فهم أهل شورى لمكانتهم من الإسلام.
3ـ أقوال نسبت زوراً أو بهتاناً لعليٍّ رضي الله عنه :
قال ابن كثير : وما يذكره كثيرٌ عن المؤرِّخين كابن جرير ، وغيره عن رجالٍ لا يعرفون : أنَّ علياً قال لعبد الرَّحمن : خدعتني ، وإنَّك إنَّما وليته لأنَّه صهرك ، وليشاورك كلَّ يومٍ في شأنه ، وأنَّه تلكَّأ حتَّى قال عبد الرحمن : {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا *} [ الفتح : 10 ] ، إلى غير ذلك من الأخبار المخالفة لما ثبت في الصِّحاح ، فهي مردودةٌ على قائليها ، وناقليها ، والله أعلم ، والمظنون من الصَّحابة خلاف ما يتوهَّم كثيرٌ من الإماميَّة ، وأغبياء القصَّاص الّذين لا تمييز عندهم بين صحيح الأخبار ، وضعيفها ، ومستقيمها ، وسقيمها ، ومبادها ، وقويمها ، والله الموفق للصَّواب .
4ـ اتِّهام عمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة :
وقد ذكر أبو مخنفٍ في روايته في قضية الشُّورى عن عمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة أنَّهما جلسا عند الباب ، وردَّ سعدٌ عليهما ، فهذا يستغرب من رعاع النَّاس فضلاً عن الصَّحابة الكرام ، وكيف يقول سعدٌ لهما : تريدان أن تقولا : حضرنا وكنا من أهل الشُّورى . وقد علم النَّاس أهل الشُّورى بأعيانهم ، واستفاض ذلك عندهم. وفي الحقيقة : أنَّ رواية أبي مخنفٍ يناقض بعضها بعضاً ، وهي واضحةٌ لمن تدبَّرها وقارنها بالأصول الصَّحيحة ، وغرائبها أشهر من ذكرها ، وقد أشار الدُّكتور يحيى اليحيى إلى نماذج ، وأمثلةٍ تكفي لإسقاط هذه الرِّواية وعدم الاعتبار بها. هذه بعض الإشارات العابرة ذكرتها للتَّنبيه والتَّحذير من تلك السُّموم المبثوثة في تراثنا التَّاريخيِّ، والموروث الثَّقافي للأمَّة، فقد أثرت في رجال الفكر، والقلم، والتاريخ.
يمكن النظر في كتاب تيسير الكريم المنَّان في سيرة أمير المؤمنين
عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه، شخصيته وعصره
على الموقع الرسمي للدكتور علي محمّد الصّلابيّ
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/BookC171.pdf