تفسير أمير المؤمنين علي لبعض الآيات الكريمة
الحلقة السادسة
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
جمادى الأولى 1441 ه/ يناير 2020 م
1- قوله تعالى: ﴿ وَالذَّارِيَاتِ ... ﴾:
عن الثوري ، عن حبيب بن أبي صابت ، عن أبي الطفيل ، قال: سمعت ابن الكواء يسأل علي بن أبي طالب عن ﴿وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ﴾ ، قال: الرياح ، وعن ﴿ فَالْحَامِلاَتِ وِقْرًا ﴾ ، قال: السحاب ، وعن ﴿ فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا ﴾ ، قال: السفن ، وعن ﴿ فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ﴾ ، قال: الملائكة. وصححه الحاكم من وجه اخر عن أبي الطفيل. وقد أطنب الطبري في تخريج طرقه إلى علي. وأخرجه عبد الرزاق من وجه اخر عن أبي الطفيل قال: شهدت علياً وهو يخطب وهو يقول: سلوني... وسلوني عن كتاب الله ، فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار ، أم في سهل أم في جبل. فقال ابن الكواء -وأنا بينه وبين علي وهو خلفي- فقال: ما الذاريات ذرواً؟ فذكر مثله وقال فيه: ويلك سل تفقهاً ولا تسأل تعنتاً ، وفيه سؤال عن أشياء غير هذا.
2-قوله تعالى: ﴿ فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ ﴾ [التكوير: 15]:
روى سعيد بن منصور بإسناد حسن عن علي قال: هن الكواكب تكنس بالليل ، وتخنس بالنهار فلا ترى.
3- بكاء الأرض على العبد الصالح:
قال علي رضي الله عنـه: إذا مات العبـد الصالح بكى عليه مصلاّه من الأرض ، ومصعد عمله من السماء والأرض ، ثم قرأ: ﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ﴾ [الدخان: 29].
4- الخشوع في القلب وأن تلين كنفك للمرء المسلم:
سئل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه عن قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 2]. قال: الخشوع في القلب ، وأن تُلين كنفك للمرء المسلم ولا تلتفت في صلاتك.
5- خليلان مؤمنان ، وخليلان كافران:
سئل أمير المؤمنين رضي الله عنه عن قول الله تعالى: ﴿ الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [الزخرف: 67]. قال: خليلان مؤمنان ، وخليلان كافران ، فمات أحد المؤمنين ، فبشر بالجنة ، فذكر خليله المؤمن ، قال: فيقول: يا رب! إنَّ خليلي فلاناً كان يأمرني بالخير وينهاني عن الشر ، فيأمرني بطاعتك وطاعة رسولك ، ويخبرني أني ملاقيك ، فلا تُضِلَّهُ بعدي واهده كما هداني ، وأكرمه كما أكرمني فإذا مات جمع بينهما في الجنة ، ويقال لهما: ليُـثْنِ كل واحد منهما على صاحبه ، فيقول: اللهمّ كان يأمرني بالخير وينهاني عن الشر ، فيأمرني بطاعتك وطاعة رسولك ، ويخبرني أني ملاقيك، فنعم الأخ والخليل والصاحب ، قال: ثم يموت أحد الكافرين ، فيبشر بالنار - فيذكر خليله ، فيقول: اللهمّ خليلي فلان كان يأمرني بالشر ، وينهاني عن الخير ، ويأمرني بمعصيتك ومعصية رسولك ، ويخبرني أني غير ملاقيك ، اللهمّ فأضله كما أضلَّني ، فإذا مات جمع بينهما في النار ، فيقال: ليُـثْنِ كل واحد منكما على صاحبه ، قال فيقول: اللهمّ كان يأمرني بالشر وينهاني عن الخير ، ويأمرني بمعصيتك ومعصية رسولك ، ويخبرني أني غير ملاقيك ، فبئس الأخ والخليل والصاحب.
6- الزهد بين كلمتين من القرآن:
قال رضي الله عنه: الزهد كله بين كلمتين من القرآن الكريم: قال سبحانه: ﴿ لِكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ﴾ [الحديد: 23]. ومن لم ييأس على الماضي ، ولم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه.
7- أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وتدبره في الصلاة:
بيّن أمير المؤمنين رضي الله عنه استحباب المصلي إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله تعالى منها ، وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ بالله تعالى ، فعن عبد خير الهمداني قال: سمعت علي بن أبي طالب قرأ في صلاة: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾. فقال: سبحان ربي الأعلى وعن حجر بن قيس المدري قال: بت عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب, فسمعته وهو
يصلي من الليل يقرأ فمر بهذه الآية ﴿ أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ * ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ ﴾ قال: بل أنت يا رب ... ثلاثاً, ثم قرأ: ﴿ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ * ءَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ﴾ قال: بل أنت يا رب... ثلاثاً. ثم قرأ: ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ * ءَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ ﴾ قال بل أنت يا رب ... ثلاثاً ، ثم قرأ: ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * ءَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُونَ ﴾ ، قال: بل أنت يا رب ... ثلاثاً .
8- قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ لاَ يَنْفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88 ، 89]:
قال علي رضي الله عنه: المال والبنون حرث الدنيا ، والعمل الصالح حرث الاخرة ، وقد يجمعها الله لأقوام.
يمكن النظر في كتاب أسمى المطالب في سيرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه شخصيته وعصره
على الموقع الرسمي للدكتور علي محمّد الصّلابيّ
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/Book161C.pdf